الأقلام المأجورة في شهر

الأقلام المأجورة في ١٢ شهر من ٢٠٢١: الصحف الخليجية تتصالح مع حبها لقيادتها

Loading...
صورة الأقلام المأجورة في ١٢ شهر من ٢٠٢١: الصحف الخليجية تتصالح مع حبها لقيادتها

وأخيراً، انتهى الجزء الثاني من ٢٠٢٠، ونعم ٢٠١٦ لم تكن قبل ٣ سنوات كما يظن كثيرون، بل ٦ سنوات، تخيّل؟ المهم، شهدنا في هذا العام محاولات العودة إلى الحياة الطبيعية، والانفتاح مجدداً على العمل والسفر واستئناف الحياة كما كنا نعرفها. على عكس كل شيء طبيعي، الصحافة العربية لم تعانِ بل أثبتت لنا أن لا شيء يردعها، وأن ازدهارها غير مرهون لا بكورونا ولا بأوميكرون ولا غيرهما؛ فالقلم المأجور يبقى  متمسكاً بأخلاقيات المهنة التي تملي عليه بضرورة الاستمرار في بثّ بروباغندا السلطات، وحُب من تُحب، وكراهية من تكره سواء من مكتبه في مقرّ الصحفية أو من سريره مرتدياً البيجامة ومحتضناً وسادته المطبوع عليها وجه القائد -كرّم الله وجهه-. 

أبدعت الصحف السعودية والإماراتية على هذا الصعيد، حيث تشاركتا شنّ الحرب الإعلامية على جورج قرداحي عموماً ولبنان خصوصاً في النصف الثاني من العام، ثم استكملت مسيرتها المشتركة في قصف الجبهة اليمنية وتبرير خسائرها الفادحة فيها بتأليف المكاسب وتسليط الضوء عليها. ولكن السنة افتتحت حقيقةً عندما بذلت ماكينة التحالف العربي مجهوداً يحسب لها في تغطية الانتفاضة الفلسطينية وأحداث حيّ الشيخ جراح وحرب إسرائيل على غزة في بداية العام المنصرم، وذلك من خلال كتابة الأخبار المُناصرة للقضية الإسرائيلية، متمسكين باللاتان والنعم الواحدة: ​​لا سلام لفلسطين، لا اعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني، نعم لحب إسرائيل.

لكن الإعلام السعودي والإماراتي لم يركّز على السلبيات فحسب، بل سعى أيضاً إلى بثّ الروح الإيجابية طوال العام، سواء في تغطية إكسبو الهائل المذهل المثير للذهول -بغض النظر عن المبادئ التي يقوم عليها أو طريقة تنفيذه- أو في مقالات الرأي التي تحث على محبة القادة، وحلفائهم، وإردوغان لأن لا مانع من تحويل أعداء الأمس إلى أصدقاء اليوم، ثم إلى أعداء الغد، وإلى أصحاب بعد غد، حسب الحاجة.

عند الحديث عن إردوغان، تنادي علينا الصحافة القطرية الحبيبة، التي وازنت في تغطيتها ما بين المنظور الإخواني والمنظور الإخواني أيضاً، ابتداءً من تثبيت شعبية إردوغان في قلوب القراء وإظهار بساطته وتواضعه وحبه للمثلجات، انتهاءً بترسيخ نزعة الكراهية والتطرف، وهو ما شهدناه من خلال الدعم الأعمى الذي قدمته لتصريحات أبو تريكة المعادية للمثليين، ولكن والخجل الزائد كان في كل مرة يحول دون تحريضها بشكل مباشر ضدّهم، ما دفعنا إلى تصحيح بعض المنشورات لكشف النيّة الحقيقية والصافية المختبئة بين السطور. 

إلى جانب المتوقع والتقليدي من الصحافة القطرية، فاجأتنا في العام هذا برفع وتيرة بروباغندتها المصنعة محلياً؛ فعندما تمكنّت قطر من إجراء أول انتخابات تشريعية في تاريخها المعاصر (الذي هو أيضاً تاريخها القديم)، ونجحت نجاحاً باهراً في حصر تجربتها الديمقراطية ب ٥٪ من الـ ١٠٪ الذين تعتبرهم مواطنين، صفقت لها الصحافة المحلية، -وحتى الصحافة الأجنبية بعد ترجمة وتحريف مقالاتها على منصات الصحف القطرية- لأن القرد بعين صحافته المأجورة دوماً غزال.

نخص بالذكر هنا قدرة الصحافة القطرية على تأويل النصوص الفرنسية والإنجليزية، لامتداح الحالة الحقوقية للعمال في البلاد، وذلك استعداداً لتنمية الروح الرياضية العالية قبل بدء مونديال ٢٠٢٢  فمن يقرأ عن التجهيزات له يظن أنه تمّ وانتهى بحمد الله، ونجح قبل بدايته وعمال الملاعب يجلسون على ريش النعام، لا عند الرفيق الأعلى.

بغض النظر عما يجري في العالم من مصائب وويلات، بما في ذلك الكوارث الصحفية في المغرب العربي، والأردن، وسوريا، ولبنان وكافة الأقطار العربية، إلا أن المصالحة الخليجية حفّزت إبداع الصحافة الخليجية بشكل منقطع النظير، إذ لم يعد لديها فرائس سهلة، واضطرت لابتكار مواضيع جديدة لتغطيتها وفي الحقيقة أبدعت في تعريصها، ولهذا نُهديها هذه النسخة السنوية المميزة من رسالة جحصع ليس فقط عن كانون الأول بل عن عام ٢٠٢١ بأكمله، ونتمنى عاماً جديداً سعيداً وهابي نيوو يير وعقبال اليوم الذي لا نضطر فيه، لا فريق جحصع ولا المتابع العربي، قراءة ترهاتها.