قوانين.. ممدوح حمادة

مَلَك الموت بجلبابه الأسود ومنجله لامع النصل زار ليلاً منام السيد الرئيس ووقف فوق سريره فيما يشبه الحقيقة. هبَّ السيد الرئيس من نومه صارخاً على رئيس الحرس الذي هرع إليه، فصفعه وعنَّفه بسبب الإهمال الذي تسبب في دخول المَلَك. بحث رئيس الحرس في الخزائن وتحت السرير وخلف الستائر لكنه لم يجد شيئاً؛ وكان السيد الرئيس قد ثاب إلى رشده، فاعتبر المنام رؤيا تخبره عن حدث منتظر هو موته، ولذلك أخرج من تحت وسادته رزمة مفاتيح، وطلب منه أن يذهب إلى مكتبه ويفتح الدرج العلوي، حيث سيجد مصنفاً أزرقاً فيه قرار بالعفو العام، ثم الدرج الأوسط وفيه مصنف أحمر يضم ملف قانون الأحزاب، ومصنف أصفر يحتوي على ملف قانون الصحافة. 

نفَّذ رئيس الحرس الأمر وأحضر الملفات المذكورة، فوقَّعها السيد الرئيس جميعها، وطلب منه الاتصال بوزير الإعلام ليحوّل هذا إلى الخبر الرئيسي في كل صحف البلاد ومحطاتها التلفزيونية؛ وعندما تجاسر رئيس الحرس وسأله عن السبب الذي دفعه إلى ذلك، أخبره بزيارة ملَك الموت وباعتقاده أن ساعاته أصبحت معدودة، وأنه لا يريد أن يتخذ خَلَفُه هذه الإجراءات فيصبح بطلاً قومياً، فيما يصبح هو شيطاناً رجيماً.

في اليوم التالي عمَّت المسيرات احتفالاً بقرارات السيد الرئيس، وتشكل مئة حزب، وتأسست خمسون محطة تلفزيونية ومئتا جريدة ومجلة، وخرج جميع المعتقلين من السجون، والأهم من كل ذلك أنَّ الرئيس أجرى الفحوص الطبية ليعرف سبب موته الذي جاء بعزرائيل إليه. وبعد يومين جاءت نتائج التحاليل مثالية، وأكد له الأطباء أن عزرائيل لن يجد مبرراً لزيارته قبل ثلاثين عاماً على الأقل؛ فأخرج سيادته رزمة المفاتيح وأعطاها لرئيس الحرس، وأمره بفتح الدرج السفلي للطاولة وإحضار المصنف الأسود الذي يحتوي ملف الأحكام العرفية.