تغطية إخبارية، تقرير

متى تجرأنا على تهديد مصالح أميركا كي تحتاج إلى كلب مسعور لحمايتها منّا؟

مايكل أبو العاص - خبير الحدود في عضّات الزمن

Loading...
صورة متى تجرأنا على تهديد مصالح أميركا كي تحتاج إلى كلب مسعور لحمايتها منّا؟

عندما بدأت المنظمات الصهيونية بالإعداد لقيام وطن قومي لليهود في القرن التاسع عشر، كنّا نُدَق بالخوازيق على يد السلطان العثماني، ولم نكن مصدر إزعاج للغرب أو الشرق أو الوسط وليس في حوزتنا شيء يسيل لعاب أحد عليه -سوى مجدنا التليد- وكانت إسرائيل لتقوم في إفريقيا أو أميركا اللاتينية، أو لا تقوم من الأساس ولا نعرفها ولا تعرفنا ولا هيكل سليمان ولا بقرات حُمر ولا طوفانات؛ أو كانت لتقوم فوقنا ولا يحدث شيء كما لم يحدث شيء للإنجليز الذي خرجوا بفعل أفول إمبراطوريتهم، وليس بفضل حنكة جدّ جدّي في إسقاط طائرات الهوكر هنتر ببندقية صيد لدفعهم إلى التفاوض معه في بيت الشَّعَر الذي لا أدري من ورثه وتركني مشرداً، هل يعقل أن يكون زوج خالتي؟

وبعيداً عن نظرية المؤامرة التي يتبناها زوج خالتي أبو أميّة والقائلة إن إسرائيل تحكم أميركا، بل بعيداً عن زوج خالتي كلّه عموماً، فقد راح استعمار وجاء استعمار وأصبحت إسرائيل كلب الحراسة الحريص على مصالح الغرب وأميركا في المنطقة، لكن مِن مَن؟ لماذا هذا التبذير وحزم المليارات والإف-خمسوثلاثينات؟ وعلى أي أساس قرّرت بريطانيا ثم فرنسا ثم ألمانيا، ثم أميركا في ستينيات القرن الماضي، صرف هذه الموارد الضخمة على حراسة ممتلكاتها لدينا في حين لا يوجد لصّ من الأساس؟ 

يا تُرى ماذا رأى الغرب منّا منذ أحداث الحروب الصليبية ليشعر بالقلق على مصالحه والحاجة إلى حراسة أملاكه منّا؟ هل سبقَ لحاكم أن سرقهم؟ هل اتفقوا مع حكومة على إنشاء قاعدة عسكرية ثم ما لبثت أن فككتها الحكومة المنتخبة التالية؟ هل وشى أحد بنا أننا شيوعيون بالفطرة وأخفى عنهم أننا سحقنا الشيوعية في العراق وسوريا ومصر والسودان واليمن عندما أخفقوا هم في فيتنام؟ هل استخرجنا برميل نفط دون علمهم؟ أعزائي القرّاء من سرق برميل نفط ليعيده رجاءً ونحلّ القصة. 

ثم من الذي هبّ لإنقاذكم أنتم وإسرائيل في لبنان عندما كانت الحركات القومية واليسارية على وشك قلب الطاولة عام ١٩٧٦ غير الجيش السوري المغوار؟ ومن أرسل مجاهدين لهزيمة الشيوعيين في أفغانستان وحسم الحرب الباردة لصالحكم غير مجاهدين أمثال زوج خالتي الإرهابي؟ ألسنا من تبرّعنا باستنزف إيران في حرب دامت ثماني سنوات لعنت دينها بقيادة صدّامنا؟ ونحن من وقفنا معكم ضد صدّامنا وشكّلنا تحالف لردّه من الكويت مهزوماً مكسوراً؟ والله لا نريد أن نربّحكم منّية، ولكن بماذا قصّرنا معكم كي تفلتوا كلباً مسعوراً بحجم بغلٍ علينا؟ 

الشيء الوحيد الصحيح في كلام زوج خالتي أن كل قرش أنفقته أميركا على إسرائيل عاد بأضعاف مضاعفة، على شكل مشتريات أسلحة وبضائع ومشاريع إعمار صحراء وسندات خزينة وودائع، لكن هذا كان ليحدث بالاتفاق معنا دون الحاجة لإسرائيل من الأساس، وما أرامكو (شركة الزيت العربية الأمريكية) إلا تحالف إكسون موبيل وسوكال ضد شركات النفط البريطانية، التي كانت ستبلع الثروات وتخرج أميركا من المولد بلا حمّص، إلا مثال على تآلفنا ومحبتنا قبل قيام إسرائيل ودون الحاجة لوسيط أو كلاب، لأننا أوفياء وليس لضعف أو خوف؛ وما هذا المقال إلا دعوة للنظر بحالتنا المزرية والعودة لأيام الماضي الجميل عندما كنّا قوم تُبّع دون الحاجة لإفلات حيوان علينا لنكون قوم تُبّع.

شعورك تجاه المقال؟