الأقلام المأجورة في تشرين الأول: صندوق باندورا لا يتسع لكنوز الصحافة العربية
٠٥ نوفمبر، ٢٠٢١
نُقدّر في جحصع الجهود الكبيرة المبذولة من الصحافة العربية للتنافس على الفوز بالجائزة لما تُمثّله من فرصة نادرة للاحتفاء بالرداءة. ونتفهّم شكاوى الصحفيين بأنّ مجرد الترشّح للفوز أو تصحيح أخبارهم وعناوينهم ليس كافياً لتغطية الجوانب كافة من سوءاتهم. لذا، وحرصاً منا على حق كل قلم مأجور بالحصول على التقدير الذي يستحقّ، نُقدّم مراجعة شهرية لأبرز ما تناولته الصحافة وما لم تتناوله آملين ألّا تشعر أي وسيلة إعلامية بالإهمال أو التقصير من جانبنا وتتذكر أنّ باب المنافسة شرف وأنّ الفوز للأسوأ.
شهر حافل جديد افتتحته الصحف العربية بالتزامن مع صدور "وثائق باندورا" التي كشفت ثروات زعماء وسياسيين يشحدون على دولهم الفقيرة بينما يغرفون الملايين ويبددونها، أمام أعين الحُسّاد. وبينما حاولت الصحف في بعض الدول تجاهل هذا الملف والنظر إلى السقف والتصفير، وجّهت أخرى أصابع الاتهام دون النظر إلى يديها المتسختين أولاً. أما الصحف الأردنية فقد أثبتت احترامها لنفسها ولقرائها وأظهرت أنها قادرة على هذا الحمل الثقيل، أو تعليقه على شماعة المؤامرة، ولكنها بالمجمل قدّمت تغطية إعلامية كفؤة تحتفي بتصدّر الملك عبد الله أعلى قائمة التسريبات.
أما الصحف الإماراتية فترفّعت عن الحديث عن بروز اسم محمد بن راشد في أوراق باندورا كي لا تُعكّر الأجواء الحماسية التي خلقتها أثناء الترويج لإكسبو، خصوصاً وأنها حضّرت حملتها الإعلامية بكل ما أوتيت من طاقة إيجابية، حتى أنها عبّرت عن انبهارها بالجناح القطري وبالمنشآت الرياضية العظيمة التي شيّدتها قطر من أجل مونديال 2022، واكتشفت أنها تستحق ما بذل من أجلها من الطاقات والأرواح.
وأعمى سطوع إكسبو الإمارات أعين الصحفيين في مختلف أرجاء الخليج العربي وصولاً إلى العراق، حيث انبهر الكاتب رشيد الخيّون بمظاهر تمكين المرأة في إكسبو، بينما انشغل الصحفيون في الكويت بإظهار عكس ما يكنونه تجاه تمكين المرأة في بلادهم بعد سماح الحكومة لها بأداء الخدمة العسكرية، وهي خطوة صادمة ولّدت لديهم مشاعر مختلطة فيما يتعلّق بدور المرأة في المجتمع وفترة صلاحيتها فيه.
ولم يخلُ الشهر من بعض المنغّصات التي ألهت الصحف السعودية والإماراتية عن إنجازات البلاد وسمعتها الطيبة وشخصياتها المؤثرة وما تترك من بصمات خالدة في الشعر والأدب مثل تركي آل شيخ ومحمد بن راشد؛ إذ دخلت الصحف في حالة تعبئة عامة ضد الإعلامي اللبناني جورج قرداحي، الذي سبق وأساء إلى سمعة البلاد بوصفه حربها العبثية على اليمن بالعبثية، فأسقطت اسمه وهراءه بالحقائق كما يُسقَطُ المدنيون بالقذائف.
وبينما ابتهجت الصحف القطرية سراّ لما رأته من تطورات على ملف الأزمة الخليجية-اللبنانية، حافظت صحافتها المحلية على مسافة أمان من هذه الأحداث التي لا تجلب سوى وجع الرأس، وركّزت على توتّر العلاقات بين تركيا و10 من الدول التي طرد إردوغان سفراءها، وأعطت القراء ملخصاً كافياً عن خلفية الحادثة يغنيهم عن البحث والتساؤل، حيث إن القصة وما فيها أن معتقلاً سياسياً تسبب بالأزمة من خلف القضبان، وأنه لو لم يغضب إردوغان لما أوصل بنفسه إلى خلف القضبان، ولو لم يحدث ذلك لما كانت 10 دول لتطالب بخروجه، وما كان إردوغان ليغضب منها، خصوصاً وأنه أصلاً شخصية ظريفة مسالمة وبريئة تمازح الأطفال.