مَنْ أحقُ الناسِ بوأد أحلامي؟ أنتَ تسأل والحدود تجيب
٠٨ يوليو، ٢٠١٩
أرسل لنا الشاب محمد الكافوري هذا السؤال، وتسابق كُتّاب ومراسلو وخبراء الحدود في إجابته، فبينما يظنُّ الزميل موفق، الذي لم يحالفه الحظ بشراء سيارة، أنّ وأد الأحلام ملك حصري لسائقي الحافلات ومذيعات الراديو، تضع سميّة البنوك على رأس القائمة، ويمنح مصعب هذا الحق بالمناصفة لأمه وأبيه دون غيرهما. أما ناهدة فتؤمن بامتلاك الحلاقين لأحلامها إفشالاً وتحقيقاً، خصوصاً بعد وأد الحلاق حلمها بصبغ شعرها باللون الأحمر وخروجه في النهاية برتقالياً، أما وائل فيُشير إلى صاحب البقالة الذي لا يبيع دخان الجلواز الأزرق.
وبعد أن عكفنا على إعداد لائحة مفصلة بوائدي الأحلام، تدخَّل السيد رئيس التحرير ليثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن الحق الأول والأخير بقتل أحلام موظفي الحدود يعود إليه دون غيره، وقرر الاستعانة بابن عم زوجته، المحامي العاطل عن العمل سالم دعروس ليقطع الشك باليقين حول تراتبية هذا الحق.
كتب سالم دعروس:
منذ نعومة أظفارك، وأنت تواجه الإحباط تلو الآخر بتحقيق أحلامك، فرغم البكاء والعويل، فشلت أن تقنع أمك بإرضاعك حينما تشاء، أو حتّى بلفت نظرها إلى حاجتك لتغيير الحفاضة، وكبرت لتفشل من جديد بإقناعها أن تتركك في بيت جدك شهراً كاملاً، لم تستطع الاحتفاظ بعيديتك، خذلك صاحب البقالة ولم يبعك السجائر قبل بلوغك السن القانوني، فشلت في كسب مكانة في المدرسة؛ فلم تكن يوماً الأول على الصف، ولا الأخير المشاكس، حتّى أنّك فشلت في حماية نفسك من بطش هذا الأخير.
خلال مرحلة الجامعة، لم تدخل الكلية التي أردتها، ولم تحقق نجاحاً بالتخصص الذي اختاره والداك. دخلت سوق العمل مُنهكاً من شدة الفشل، ففشلت من جديد بتحصيل راتب جيّد، حبُّك الأول فاشل، وحبك الثاني مُخيِّب للآمال. ومع تراكم التجارب المخيبة اقتنعت أخيراً بوجود الحق الذي أنكرته منذ الطفولة، نعم يا عزيزي، هناك حقّ شرعي بوأد أحلامك يتزاحم عليه كثيرون، ولكن ما التراتبية التي يسري بها؟
لتضع النقاط على حروف حياتك البائسة، عليك التمييز بين صاحب الحق الأصيل المخول بطحن أحلامك بيديه ورميها على الإسفلت ودوسها بأقدامه حلماً حلماً، وبين الطارئ أو عابر السبيل الذي يحق له وأد حلم أو اثنين فقط.
فيما يتعلق بأصحاب الحق الأصيل، وبحسب القانون، تمتلك السلطات الرسمية الأولوية بممارسته، كجهة اكتسبت صلاحياتها بالوراثة ولن تخسرها بالتقادم، تليها ثُلة اخترتها أنت بنفسك أو فُرضت عليك: زوجتك، حبيبتك، أمك، أبوك، حماتك، ابنك، مديرك، ابن خالة مديرك، حتّى هاتفك اكتسب صفة اعتبارية وصار يملك الحقّ بإيقاظك صباحاً ووأد لاوعيك السابح بالأحلام.
أمّا وائدو الأحلام الطارئون، فهم كلّ من بقي على وجه البسيطة، موظفو الاستعلامات، نادلو المطاعم، زملاؤك في النادي الرياضي، بائعو جرار الغاز، الجيران وضيوفهم وأطفالهم، ضيوف أبيك، وانتَ بالطبع، تمتلك الحق بوأد بعض أحلامك بصفتك وائداً طارئاً.