دليل الحدود للرفاق اليساريين في التمييز بين الاشتراكية وبوتين
كفاح تشايوبيسكوفت - خبير الحدود لشؤون التفريق بين اليد اليمنى واليسرى
٢٠ فبراير، ٢٠٢٢
خلّف إغلاق نادي المنجل والمطرقة المعروف رسمياً بالاتحاد السوفييتي حالة صدمة عند معجبيه وجمهوره من الرفاق اليساريين، ودخلوا في حالة من الهلع والفراغ رافضين تقبل واقع لا يحتوي على دولة يتفاخرون بترسانة أسلحتها وجيشها وأمنها وتقدمها العلمي وقبضتها الأمنية وصناعتها لسيارات لادا الاقتصادية صديقة الطبقة الكادحة، وشعروا بفقدان جميع مكتسباتها التي كانوا يرونها إنجازات شخصية لهم أشرفوا بأنفسهم مع اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوفيتي على تخطيطها.
لكن مع الوقت، بزغ الأمل للرفاق بشخص الرئيس الروسي العتيد فلاديمير بوتين، الذي ملأ الفراغ في قلوبهم وذكرهم بهيبة الماضي وأمجاده، متحدياً قوى الاستكبار العالمي وموجهاً لهم الإهانات، وفانياً عمره في سبيل السلطة وإعادة أمجاد الماضي وركوب حصانه عاري الصدر بكل رجولة وحزم، ما جعل الرفاق يسارعون لضمه إلى ثلة قادتهم وأحباب قلبهم ليحظى برتبة المهدي المنتظر الذي سيخلصهم من أي قائد أو قوى أخرى تريد أن تفعل ما يفعله بوتين معهم.
لكننا في الحدود، ورغبةً منا في تصحيح سوء الفهم ومنعاً لاختلاط الحابل بالنابل، قررنا لفت نظر الرفاق لعدة نقاط مهمة قبل أن نرى تياراً جديداً في الفكر اليساري ينافس اللينينية والتروتسكية والستالينية يدعى البوتينية، خاصةً مع توافر أوجه الشبه المربكة بين نظام بوتين الشمولي ومدة بقائه في الحكم وأنظمة أخرى تعتبر اشتراكية لأنها ترفع الرايات الحمراء والشعارات في حين يرزح عمالها تحت سطوة رأس المال كجهمورية الصين الشعبية، أو أنظمة أخرى تدّعي الاشتراكية وتقتل العمال بشكل عام، كالنظام السوري كلب بوتين المدلل.
١- إعادة متابعة أخبار أول التسعينيات
نأسف من الرفاق، لا ندري كيف نقولها، نرجوا منكم ضبط الأعصاب وربط الجأش، لكن، وللأسف، نعم، الاتحاد السوفييتي، القطب، الأخ الذي ترحل إليه عيونكم كل يوم، انهار. الرفيق غورباتشوف أعلنها عام ١٩٩١، وجمهوريات الاتحاد السوفييتي فرطت كحبات المسبحة. آسفون جداً، البقية بحياتكم، احزروا ماذا أيضاً؟ حلف وارسو انهار أيضاً ولم يعد له وجود -بقي حلف الناتو إذا كان يهمكم ذلك- وجدار برلين كذلك انهار. حسناً لا داعي لإعادة متابعة أخبار التسعينيات، لقد أعطيناكم الموجز، حاولوا أن تتذكروها في المرة القادمة التي تغنون فيها نشيد الأممية.
٢- متابعة الأخبار الحالية
لا يكفي إعادة متابعة أخبار الماضي، بل يجب متابعة أخبار الحاضر أيضاً. عدا عن معرفة المستجدات والتصريحات والزيارات وعدد القتلى الجرحى والحروب، ستلاحظون أن جميع وسائل الإعلام تغفل ذكر خطط بوتين لنشر الاشتراكية في العالم ومحاربة الرأسمالية ودعمه لحركات التحرر العالمي وتأييده لها. بدلاً من ذلك سترون بوتين وصديقه ترامب يقبلان بعضهما ويتصافحان كأعز الأصدقاء، إضافةً لدوره في محور الممانعة القائم على تنسيق ضربات إسرائيل في سوريا، وربما تصادفون فيديو لبوتين وهو يهزأ من الشيوعية ولينين لتتجرعوا الحقيقة المرّة وتعرفون أنّ لا أحد يملأ مطرح الاتحاد في قلوبكم.
٣- التوقف عن صناعة الأيقونات
هذه النصيحة لا تتعلق بشخص بوتين، بل يمكن للرفاق الاستفادة منها في حياتهم عامةً. ندعوكم لمغادرة خط انتاج الأيقونات والالتفات لأعمال أخرى كمحاربة الرأسمالية. ندرك صعوبة هذا الأمر على معظمكم؛ فالتوقف عن جعل الأشخاص أنصاف آلهة أمر يتطلب جهداً عاطفياً كبيراً، لكن نذكركم أن لديكم ما يكفي من ماركس ولينين وستالين وهو شي منه وماو تسي تونغ وجيفارا وبول بوت. ستلاحظون بعدها اختلافاً نوعياً في حياتكم وستشعرون بخفة غريبة، كما ستشعر جدران منازلكم بخفة مشابهة بعد تخليصها من صور القادة المثقلة بها.
٤- إعادة قراءة البيان الشيوعي وكتب الاشتراكية
نعتقد أن اعتبار نيو-ليبرالي متوحش محب للاقتصاد الحر مثل بوتين رمزاً للاشتراكية لا بدّ أنه يتنافى مع أبسط مبادئ اليسار في العالم، كما أن سيطرة البروليتاريا على وسائل الإنتاج لا يشبه بأي حال سيطرة المافيا عليها. ما يطرح السؤال، هل اليساريون الذين يبجلون بوتين يساريون حقاً؟ نقترح إخضاعهم لامتحان في البيان الشيوعي والمبادئ الاقتصادية البسيطة؛ مثل السوق الحرة والملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات. من الوارد أن لا يقتصر سوء الفهم باعتبار بوتين رمزاً لليسار وإنما يتعداه لعدم فهم اليسار أساساً؛ وهكذا نسدي معروفاً لهؤلاء بتعريفهم بأنفسهم لربما سيكتشفون بعد هذا العمر أنهم ليسوا يساريين بل يمينيون وليسوا اشتراكيين بل ليبراليون، أو أنّهم من محبي بشار الأسد فقط.