تغطية إخبارية، خبر

أوروبا تعيد تدوير الجدران التي أسقطتها داخلها كأسوار حولها

شحيبر شمشون - مراسل الحدود لشؤون الحريات المحدودة

Loading...
صورة أوروبا تعيد تدوير الجدران التي أسقطتها داخلها كأسوار حولها

لطالما كانت القارة الأوروبية أيقونة ومنارة لشعوب العالم الحالم بالحرية والديمقراطية والتنوير وسلب آثار الغير والاستعمار، حيث اجتمعت الثقافة والانتهازية والإجرام الشيك مع البونجور في القارة العجوز ومراكز قواها، وأضحت مثالاً للبشرية جمعاء، خصوصاً لقدرتها على صون سمعتها الناصعة رغم ارتكاب شتى الفظائع.

وأدت السمعة هذه إلى الرغبة الجامحة عند مجتمعات العالم الثالث البربري في السفر والهجرة إلى القارة، منبهرين بعناصر التمدّن والحضارة، رغم عدم وصول تكنولوجيا الشطافات وهايجين المؤخرات إليها.

إلا أن إسقاط الجدران الفاصلة بين الدول وحلم عالم بلا تأشيرات واجه مشكلة لم تكن في الحسبان، وهي إمكانية أن يستفيد سكان العالم الثالث أيضاً من قوانين سُنّت لأجل سكان أوروبا الأصليين من رجال ونساء بيض، وكأن رعاع الشعوب من حقهم الاستمتاع بالتقدم الذي حققته أوروبا والمشاركة فيه لمجرد أن بلادهم وأجدادهم وجثث الجيليْن عبّدت الطريق أمام الأوروبيين لتحقيق الهيمنة. حتى أن بعضهم تجرأ وأحرج القارة وقياداتها بالموت برداً عند حدودها.

وقال فرانسوا ميرد، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن تشييد جدران حول القارة لمنع دخول من هب ودب هو الحل الوحيد للإبقاء على مكتسبات الحرية والتنوير "لا يمكنك قلي أومليت دون كسر بعض البيض أو تجميد بعض اللاجئين؛ فالحرية ثمينة وهشة ويمكن فقدانها في أي لحظة، وتهافتُ الكثيرين عليها بهذه الطريقة سيؤدي لضياعها وتلوّثها بين أقدام النازحين الحافية".

وكان ردم الجدران داخل أوروبا أحد الإنجازات التي احتفى بها الجميع خارج القارة؛ من جدار برلين إلى الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي، والتي طالما حلمت بها منطقة الشرق الأوسط، حيث كنا أمة واحدة لكنها تشرذمت. تخيّل لو استطعت السفر في المنطقة بدون تأشيرات وجوازات سفر؛ فتفطر ساندويتش فلافل في عمان، وتأكل برانش مناقيش كوكتيل في بيروت، وتعتقل بعد الظهر في حلب، وتموت في تفجير إرهابي في بغداد مساءً.



شعورك تجاه المقال؟

هل أعجبك هذا المقال؟

لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.
لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.
نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.