الأقلام المأجورة في شهر تموز
٠٩ أغسطس، ٢٠٢١
نُقدّر في جحصع الجهود الكبيرة المبذولة من الصحافة العربية للتنافس على الفوز بالجائزة لما تُمثّله من فرصة نادرة للاحتفاء بالرداءة. ونتفهّم شكاوى الصحفيين بأنّ مجرد الترشّح للفوز أو تصحيح أخبارهم وعناوينهم ليس كافياً لتغطية الجوانب كافة من سوءاتهم. لذا، وحرصاً منا على حق كل قلم مأجور بالحصول على التقدير الذي يستحقّ، نُقدّم مراجعة شهرية لأبرز ما تناولته الصحافة وما لم تتناوله آملين ألّا تشعر أي وسيلة إعلامية بالإهمال أو التقصير من جانبنا وتتذكر أنّ باب المنافسة شرف وأنّ الفوز للأسوأ.
لا بُدّ أنّك عزيزي القارئ/عزيزتي القارئة انشغلت هذا الشهر في تصفّح التقارير والمقالات الصحفية التي تحدّثت عن فضيحة تجسس الأنظمة العربية باستخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي، ما منعك من متابعة الصحافة العربية المأجورة. لا داعي للقلق؛ فجميعنا ننهمك أحياناً بالواقع وضرورة البحث عن الحقيقة حتى ننسى العيش والاستمتاع بما تُقدّمه الصحافة العربية من مواد ترفيهية.
نكذب عليك لو قلنا إنّه لم يفُتك الكثير؛ ففي الوقت الذي أمضيته قلقاً من تجسّس حكومتك عليك، لم تعرف أنّ إردوغان يتجسّس على معارضيه في تركيا، وذلك بحسب ما أوضح تقرير نشرته "العربية"، وأضافته إلى ٩٠٠ تقرير تناولت مواضيع تتعلّق بالتجسّس في أي مكان في العالم ما عدا السعودية، وباستخدام أي برنامج ما عدا بيغاسوس. كما فاتك أن يفوتك أن تقرأ هذه المعلومة في موقع الجزيرة، التي اعتدنا رصدها سقطات الصحافة السعودية والإماراتية، لانشغالها في السقوط في حضن المصالحة الخليجية الدافئ.
وليس هذا كل ما فاتك؛ فقد أخذت الصحافة العربية على عاتقها مهمة التعبئة المعنوية وبث الروح الإيجابية بين الجماهير لتؤكد صحيفة "الأيام" البحرينية أنّ البحرين بخير طالما يحكمها صاحب الجلالة المفدى، ويحنو على مواطنيها في مبادراته "الأبوية"، قاطعة في إيجابيتها أشواطاً لم نعهدها من قبل؛ فهي لم تكتفِ برؤية الجمال في الواقع القميء فحسب، بل نجحت في إدراج كلمة "أبوية" بمعناها الإيجابي، وهي روح ليست غريبة على الصحافة البحرينية - التي استبدلت قسم مقالات الرأي بقسم التهاني والتبريكات والشكر والمجاملات لصاحب الجلالة وولي العهد - فهي تستلهم إيجابيتها من صحافة أختها الكبرى السعودية التي ترى الإمكانات في أدق التفاصيل، ولا تخجل من رصد خبر وكتابته وتحريره وتدقيقه لغوياً ونشره على الموقع ليأخذ حيزاً من سيرفرات الكرة الأرضية، حول متابعة محمد بن سلمان وسلطان عُمان لنهائي اليورو.
أمّا الصحافة المصرية السبّاقة فقد تقدّمت بخطوة كعادتها؛ إذ لم تكتفِ بدفع القارئ نحو التفكير الإيجابي البنّاء بل غرقت في إعداد دراسات وأبحاث تُثبت بالأدلة القاطعة أنّ كل شيء بخير رغم أنف من اقتنع أو من مات خلال محاولة السلطات إقناعه؛ لتكشف دراسة أعدها موقع اليوم السابع عن مزايا المبادرات الرئاسية للمواطن المصري، وتفرّغ موقع مصراوي في إعداد دراسة سيكواجتماعي عسكرية شخّص فيها حالة المرضى الذين يعانون من "عقدة السيسي"، وذلك ضمن الجهود الصحفية للاحتفال بـ "يوليو شهر الثورات" والتي ترافقت مع جهود الدولة بحذف شهر يناير من القاموس.