السياسة التحريرية

الحدود كيان يمارس الحرية والسخرية كفعل سياسي يحرّض القارئ في المنطقة العربية والمهجر على مراجعة ونقد ومساءلة نفسه وواقعه والسلطة، أيا كان وجهها، ومناقشة ما يحيط به من أفكار وقضايا وأحداث وأخبار -في ظل واقع سياسي واجتماعي يقمع الأفراد والمجموعات- ولا بديل عن الخوض في معتركها لأجل مصالحنا المشتركة، مجتمعات وأفراد، في قيم الحرية وحق الاختلاف وحرية المعتقد.


لا نقف عند خطوط حمراء أو تحت سقف حرية تفرضه السلطات أو المنظومة الاجتماعية، ولكننا نتوخى المهنية في عملنا عبر التزامنا بالمبادئ التالية:

  • عملنا يستهدف في المقام الأول مراكز القوى وصناعة القرار؛ فلا نستغلّ طرفاً مستضعفاً لبناء السخرية عليه والمساهمة في تهميشه وبناء خطاب كراهية ضده وثقافة التنمّر عليه، بل نسلط الضوء على قضاياه ومنهجية تفكيره لدعمه ومساندته.
    إن سخريتنا من الطرف الضعيف تقتضي أن يكون نقده في مكانه، مع الحرص قدر الإمكان على الابتعاد عن استخدام خطاب الطرف الأقوى أو تعزيزه.
  • لا نتهجم على أشخاص أو مجموعات أو منظمات أو عقائد، بل نطرح الرأي ونحمّل المسؤولية وننتقد منهجية تفكير المرجع ذي العلاقة وتصرفاته؛ فلا الشتمُ أو التعبير الغاضب أو التقويل أو المبالغة بحد ذاتها -وإن كانت مضحكة- يمثّلون المحتوى الذي نسعى لتقديمه.
  • قد يكون ما نقدمه من محتوى مثيراً للجدل، لكن الجدل ليس غايتنا، بل هو جزء من طبيعة المحتوى الساخر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجدل طريقة للتوجيه نحو مفاهيم ومبادئ الحوار الحر والحق في الاختلاف وضرورة التنوع.
  • السخرية بطبيعتها نقد سلبي، ونحن لسنا بصدد التنظير على متابعينا وقرائنا ولا من يختلفون معنا أو حتى يكرهوننا، لذا -وكما نمارس النقد بكل ما ننتجه ونقوله- فإننا نمارسه ذاتياً ونعترف حين نخطئ، ومنفتحون لتلقيه بصدر رحب، لفهمنا أن الخطأ والتناقض جزء من لا يتجزأ من طبيعة البشر.
  • هناك الكثير من الإيجابيات حولنا، لكن مهمتنا نقد مواقع خلل وتشخيص مشكلة تحتاج لعلاج، ضمن عمل فكري نقدي سياسي بنّاء حتى لو بدا ظاهره هدماً؛ لذا، لا مجال عندنا للمجاملات وكيل المديح والإطراء.
  • تبعاً لذلك، لا نقدّم الحلول، ولا نضع خطة خمسية أو خارطة طريق للخروج من الأزمات السياسية أو الاقتصادية.
  • ندرك حجم وطبيعة المشاكل في مستوى المحتوى العربي، وهذا يلزمنا أن نتحمل مسؤوليتنا ونؤدي دورنا في تقديم محتوى عالي السوية يحدد المعايير الواجب توافرها في محتوى المنطقة. ولتحقيق ذلك، نستمر بالتعلم وتطوير أنفسنا، وننقل خبراتنا بشتى الوسائل لكل من يمكننا إيصالها إليه.
  • نحترم وقت وعقل وثقافة وضمير ووعي القارئ ونحرص عليها؛ مما يعني التزامنا بعدم إضاعة وقت وجهد المتلقي في قراءة أيّة جملة أو فقرة لا تُضيف له فكرة أو عنصر فكاهة. كل جملةٍ لها سببٌ ومبرّر واقعيّ منطقي أو سياسي أو سردي أو لغوي يتطلب وجودها، مع مراعاة أن تسود الخيارات الساخرة والكوميدية التي تؤدي الغرض المقصود على غيرها من الخيارات المقبولة والمنطقية التي تخلو منهما، بشرط المحافظة على تماسك واتساق النص مع ذاته.
  • نتوخى الحذر في استعمال السخرية، لطبيعتها المعقدة القائمة على طبقات متعددة مثل انزياح المعنى ومعرفة المتلقي بالموضوع والمفارقات التي تنضوي تحته، وما يعنيه ذلك من احتمال وصول الأفكار بشكل مغاير لم يودّ الكاتب قوله، وهذا يضيف على عاتقه أن يصيغ أفكاره وسخريته بوضوح وبلاغة.
  • نستخدم السخرية كأداة نقد وسلاح في مواجهة؛ ولكننا نُعنى أيضاً بتقديم مواد ساخرة خفيفة تتناول مواضيع بسيطة -بصفتها جزءاً من حياتنا اليومية التي تنعكس القضايا الكبرى على تفاصيلها وتعكسها أيضاً- دون الاستخفاف بطريقة إنتاجها وجودتها.