ما أفسده فرويد وأصلحه الأمويون
مصطفى تدابير - كاتب ولايف كوتش أموي
٠٩ ديسمبر، ٢٠٢٥

لا أرغب هنا، عزيزي سيغموند، أن أبخس من قيمة أبحاثك ونظرياتك، وإن بدا من السطور المقبلة وكأنني أرمي باجتهاداتك وتساؤلاتك في أقرب سلة قمامة أو ربما أسفل حائطٍ خُطّت عليه عبارة: "لا ترمي الزبالة هنا يا حيوان".
أسألك بالله الذي لا تؤمن به إلى أين قادتك عقود من الإصغاء إلى دهاليز النفس البشرية؟ ماذا حزت من معرفة وأنت تحاول سبر أغوار تلك النفس التي لا تكشف أسرارها إلّا لمن يملك صبراً على التردد والارتجاف والانكسار.. فهل خطر لك أن تطبّب مريضاً كسيراً بذاك الدواء الأموي الوجيز: "ابكي بترتاح"؟. كلا بالطبع، قادك غرورك للبحث عن الروابط الخفية بين الذكريات والرغبات والصدمات المكبوتة، وكأن التداعي الحر من هذا النوع هو ما سيجلب للإنسان العليل الراحة، بينما الحل هو بين يديه، أو بالأحرى في الدموع التي في عينيه، وما عليه إلا أن يتركها تنساب حسرة وكمداً على مشاهد لعب السلة.
هربت من الواقع يا سيغموند، لجأت إلى الأحلام، اعتبرت الحلم طريقاً مَلكياً إلى اللاوعي، هناك حيث تعمل الرغبات المكبوتة بحرية. ونسيت، أو تناسيت، أن لطمة تعيدك إلى العالم الحقيقي، إلى أين يقودك الطريق الملكي؟ فيما درب الجمهورية السورية الأموية الجديدة ومؤيديها يرفع لك بوضوح الشاخصة التي تقودنا جميعاً نحو السكينة، على بعد ضربة أو ضربتين لا أكثر: "الطم بترتاح".
أعترف لك يا سيغموند أنك فكرت بأشياء كثيرة: الكبت، والإنكار، والتبرير، وغيرها من آليات الدفاع التي تحمي الذات من الألم لكنّها أيضاً تحجب الحقيقة. لكن، هل تعرف عمّن حُجبت الحقيقة أيضاً يا أبا جان مارتن؟ عنك أنت! كان مريضك يعوي على سريره، ينظر إليك ككلب ضال في ليل سوريٍّ بلا كهرباء، كانت الحقيقة تعوي نصب أذنيك. ألم يخطر لك أن الهدير هذا كان حلّاً؟ هل وجب على الإنسانية أن تنتظر تعليقات بني أمية على فيسبوك التي تدلّنا برفق إلى طريق الراحة في العواء بدلاً من دعوة مريضك للاستلقاء على أريكة جلدية؟ لماذا لم تسأله الجلوس على أربع لينبح مرة واحدة ويمضي في سبيله؟.
إذاً، كان بإمكانك يا سيغموند اختصار آلاف الصفحات بعبارات موجزة، لكن ذلك لم يحدث لأنك موتور، ولم ترافق أمويين يرشدونك سواء السبيل.