أنا لم أستيقظ حشرة كما حدث مع شخصية كافكا… أنا ولدتُ حشرة
مايكل أبو العاص - غريغور سامسا الحدود
٠٦ نوفمبر، ٢٠٢٥

على عكس معظمكم، خرجت إلى العالم من فتحةٍ في جدارٍ إسمنتي، بكل صراحة يا جماعة، لم أستيقظ مفزوعاً من حلم وليس هناك صدمة في حكايتي، لا حادث، لا لسعة، أنا فقط لا أذكر لحظةً لم أكن فيها حشرة.
وُلِدتُ ملفوفاً في شهادة حُسن سيرة، ولم أشكّل في حياتي أي ضجيجٍ أو فوضى في طريق النمل الكبير. وكنت بيبي حشرة قليل الإزعاج واقتصادي في الحفاضات وبديل السيريلاك.
كنت طفلاً حشرة مهذباً، أقفُ في الطابور الصباحي أتدرّب على مهارات النجاة وتجنّب النعال. وفي مراهقتي كنتُ متفوّقاً في مادة التربية الوطنية، أجيد التصفيق بأرجلي الستّة في المسيرات العفويّة والمناسبات الرسميّة.
في الجامعة كرّشتُ على فتاة وفضّلت الاختباء كي لا أُسحق في طريقي إليها، فهي من سلالة مهمّة للتنوّع البيولوجي. رأيتها مرّة مع حشرة بجناحين كبيرين، سكتُّ وتمنّيت لو رشّني أحدهم بف بافاً قبلَ أن يلتهمها أمامي.
لكن، الحمد لله، أنا الآن حشرة ناضجة، نجوت من الرّش والأفخاخ والأحذية، أجيد حملَ فتات الخبز ومفاوضة النمل الأبيض كي لا يلتهم ساعةَ الكهرباء: أقسم أني سأدفع الفاتورة، فقط دعوني أكمل هذا المقال.
بالأمس قال لي زميلي، وهو حشرة ذات خلفية إدارية وقرْنَيْ استشعارٍ طويلَيْن "ستعيش وتموت مثل حشرة إذا لم تتسلٍّق كرسياً أو طاولة". أطلقتُ نفخةَ من الأنف، قلتُ في داخلي: قلتَ مثل ماذا؟! ألستُ حشرةً بالفعل؟