الحب من أول طلقة .. لماذا تهرب العلويات مع عشاقهن ويُزعم تعرضهن للخطف؟
٠٤ نوفمبر، ٢٠٢٥

"كانت اللحظة الفارقة عندما شاهدته يُعدم ابنَ عمي ميدانياً في الضيعة". هكذا بدأت غيداء، وهو اسم حقيقي، رواية وقوعها في غرام الشاب خطّاب الرشيد، حين رأته أثناء مشاركته بمجزرة في منطقتها، قبل أن تقرر الهروب معه رغماً عن إرادة أهلها الذين لم يبق منهم أحد على قيد الحياة خلال المجزرة.
تُجسِّد غيداء حالةً واحدة من عشرات الحالات لشابات فضّلن التمرّد على مجتمعاتهن الأهلية والانتصار للحب على التقاليد، وسط متابعة دقيقة من وزارة الداخلية السورية التي ترفض رفضاً قاطعاً وجودَ ولو هامشٍ بسيطٍ من الإجبار والقسر في هذه العلاقات الغرامية لا سمح الله، وهو ما يؤكد عليه مجموعة إعلاميين معروفين بمهنيتهم ممّن تابعوا الموضوع عن كثب.
الحب والحرب
تتذكّر غيداء كيف أمسك حبيبها بندقية الكلاشينكوف ووجّهها نحو ابن عمها جعفر، وأخذ يرشق ما تبقى من رصاصٍ على جسده الممدد على الإسفلت، والذي لم تكن متأكدة حينها إن كان مُغمىً عليه بفعل تعرضه لضربةٍ بعقبِ البندقية قبل ذلك بدقائق أم ميتاً بالفعل.
توضح غيداء أن تلكما الدموية والوحشية هما ما شدَّتَاها إلى خطّاب، تتنهد بعينين إحداهما تبدو ناعسةً من الغرام والأخرى متورِّمةً من أثرِ لكمة ما، وتضيف "أحسست أنّ أحداً غيره لن يوفر لي الأمنَ العام".
وتتابع غيداء، التي تعمل موظّفة في القطاع العام، أنها سارعت إلى سيارة النقل التي كان يقودها خطّاب، وجلست بجانبه وقالت له "أنتَ ولا أحد غيرك"، بينما سارع رفاقه لمساعدتها في نقل أمتعتها وأثاث بيتها إلى السيارة كي لا تشعر بالغربة في مسكنها الجديد المنتظر.
ولدى سؤالها إن كان انتماءُ خطّاب لطائفةٍ مغايرةٍ قد يُشكّل عائقاً أمام نجاح حبهما العاصف، أجابت الشابةُ الثلاثينيةُ بثقةٍ أن سوريا هي بلدُ الوئامِ والمحبّةِ والإخاءِ والمواطنةِ والعشقِ والغرامِ والانفتاح، مؤكِّدةً أنّها شخصيَّاً لم تكن تعرف أن حبيبها ينتمي إلى طائفةٍ أخرى لولا سؤالنا هذا.
عبرت الشط على مودك
من جانبها، خاضت ميادة مساراً مستقلاً عن ذاك الذي خاضته غيداء؛ فهذه الطالبة الجامعية قررت ألّا تنتظر قدوم الخاطفين إلى الحيّ الذي تسكن فيه، بل هجرت مدينتها وذهبت بنفسها إلى مدينة أخرى باحثةً عن شابٍ تنخطف معه.
تشرح ميادة خيارها متسائلة "ما الذي يربطني بمدينتي؟ المنزل؟ ماما وبابا وأخواتي؟ الذكريات والصديقات؟ دراستي الجامعية؟" في إشارة إلى أنه من غير المعقول أن تضحي باحتمالية العثور على خاطف ابن عالم وناس من أجل هذه الأشياء.
وتلفت ميادة إلى أن هذه الفكرة خطرت على بالها أولاً عندما عرفت أن جارتها ابتسام هجرت أطفالها الثلاثة وانطلقت في رحلة بحث عن خاطف، داعية المزيد من النساء إلى التفكير بخيارات مماثلة بدل البقاء أسيرات ضمن مؤسسة الزواج أو الأسرة الممتدة أو الطائفة.
الشك أول اليقين
ورغم التأكيد على حرية السيدات وإرادتهن المستقلة، تُصرّ وزارة الداخلية السورية على التحقيق في علاقة خطّاب وغيداء وميادة وخاطفها، خشية أن تكون العلاقات من هذا النوع محاولةً للإيقاع بأحد عناصرها عبر استغلال مشاعره المرهفة، حيث أكّد المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا (اسم مستعار) وجود ٢٦ حالة لسيداتٍ هنّ اللواتي خطفن أنظار وقلوب شبّان الفزعات والجيش والأمن.
خيار مثالي
ووفق تحقيقٍ واستطلاعِ رأيٍ أجرته "الإخبارية"، تُفضِّل تسعٌ من كل عشرة سوريات من الأقليات الدينية اللجوءَ إلى مدينةٍ سوريةٍ أخرى، بحثاً عن فرصهنَّ بالاختطاف، بدلاً من تقديم أوراق اللجوء إلى الغرب التي تستهلك زمناً طويلاً، وتحوّل الإنسان -في حال قبول لجوئه- إلى خَطيفة في سجن الرأسمالية الضخم.