نيتشه يكتب: وُلد الإنسان حراً ثم اشترك في باقة إنترنت
٠٤ نوفمبر، ٢٠٢٥

على أيّامي وأيّام الأساتذة روسّو وفرويد ويونغ وأبو سليم الورد، كانت الروح تبحث عن الإله في السماء والبحر وبين الصخور، أما اليوم تحوم بين زوايا الغرفة بحثاً عن إشارة.
الإرادة الحرة ماتت مع أوّل نقرة على “Accept All”.
لم أكن أتخيّل أن الأغلال ستكون يوماً كلمة مرور من ٨ خانات فيها حرف كبير وحرف صغير ورقم وعلامة استفهام، وأن السجن هو ٩ مربعات مفتاح الخروج منه هو العثور على ممر المشاة، لأشاهد بعد هذه الرحلة شخصية متقطقطة تقول "إنغررر… أوكيه".
أيها السيد، الحريّة اليوم ليست أن تقول ما تريد، بل أن يكون الهاتف في جيبك لا أنت من في جيبه مصنّفاً ككائنٍ يحب القطط التي تربط على خصرها وترقص، ويرغب بشراء سجّادة رخيصة، ويبحث عن شقراوات يتقنّ المساج والهابي إيندينغ.
أتعرفون ما هي الحرية اليوم؟ أن تفقد التغطية فجأة! أن تعيد تشغيل الراوتر ولا ترجع الإشارة فتجد نفسك عارياً بلا إشعارات، فتضطر للنظر في أعين من حولك بدلاً من الشاشة فتكتشف بشاعة العالم.
وأما أنا، فإنني أكتب هذا المقال على ورقة، تحت شجرة، بلا تغطية، بلا تحديث، وبلا إشارتَي صح زرقاوتان توهمني أنك قرأته. فإن قرأته الآن، فاعلم أنك ما زلت هناك… مربوطاً… في الشبكة.