تغطية إخبارية، الحدود تسأل والحدود تجيب

لماذا تركَتْني؟ أنت تسأل وكل الإجابات تنفي مسؤوليتك

رشدي عبير المرج - استشاري علاقات الحدود، رغم كل التحذيرات

Loading...
صورة لماذا تركَتْني؟ أنت تسأل وكل الإجابات تنفي مسؤوليتك

إذن تركَتك. ربما سئمت من انتظار معجزة لن تحدث. ربما هيئ لها أنك ستصبح إنساناً آخر، أو أنها ستكتسب مع الوقت مناعة ضد تصرفاتك التي لن تتغير، وربما لا. من يعلم؟ أنت تعلم بالطبع، فقد فكّرت مراراً وتكراراً بالمسألة وقلّبتها من كل الجوانب قبل أن تخلص إلى أن ما جرى كان سوء تقدير من قبلها، يعادل ذاك الذي مني به القائد أبو عدي حين أساء تقدير الزمن اللازم لدخول الكويت وساهم بسقوطه كما سيساهم في سقوطها. 

ها قد أجبت على كل الأسئلة وأثبتَّ براءتك، لا داعي لأن تكمل القراءة.

لكن، لماذا تركتك حقاً؟ أجل، لقد أخطأََت، لكن وإن افترضنا أنها لم تخطئ، فما الذي دفعها لتتهور بهذه الطريقة؟ لا يمكنك أن تجيب على سؤال بلا إجابات. قد تظن لوهلة أن حركتك التي كانت تشبهها مازحة بزحف الحلزون كانت السبب، أو ربما أسلوبك في الكلام، او تلك المرّة التي أشارت فيها إلى حذرك الزائد، أو حين أشارت إلى تهورك، ، وظننت أنها ملاحظة عابرة ولم تكن. ربما كان عليك أن تتعظ وتتوقف عن هزّ رجل الطاولة كما نبّهتك. لكن دعك من ذلك كله، لا شك أنك مثلنا، تشوبك بعض النواقص، لكنّك بالنظر إلى كل شيء قطعة فريدة يا فتى. المسألة واضحة، وإن كنت لا تستطيع التعبير عنها بالكلمات أو وضع أصبعك على مسبباتها، لكنك ومن تبقى حولك تعرفون جميعاً حقيقتك وتقدّرون وجودك وخواصك، ومن الجيد أن هذه المقالة لن تضيف لك أو تفتح عينيك على أي شيء ذي قيمة إذن.

تمهّل، ها هي. ربما تريد أن تقول شيئاً وتكشف كل الغموض. ماذا؟ إنها لا تتطرق إلى الأسباب حتى، لأن غنيمة مثلك لا أسباب في هذا الكون تفسّر تركها. ها هي تخبرك عن ندمٍ لم تدرك أنه كان ممكناً قط، وتود أن تستفسر عن جاهزيتك للعودة. تجاهل عدم تطابق صوتها وحركة شفاهها، من الجيد أنكما تتفقان على أهمية عودتك وستكون بلا شك سعيدة بلقياك حالما تجيبها بذلك، لكنك لا تجيب. شفاهك تتحرك هي الأخرى لكنك لا تنبس بأي كلمة. محاولاتك للمشي تتركك في المكان ذاته، ربما لأن الوقت الآن هو الظهيرة، وما خيل لك أنها قيلولة سريعة قد طالت أكثر مما ينبغي، وها أنت عند النقطة التي تنسج فيها مقالاتٍ وتنسبها للحدود في أحلامك. قم، ما يخيل لك أنه دغدغة شفاه نديّة على شفتيك هو ذبابة ترفض الاعتراف بالعواقب الصحية لوقفتها هذه. ولا أن تتذمر من الشمس التي تخترق جفنيك المطبقين، لأن شتاء قلبك سيتركك لمصير أسوأ. أما هي، فقد فات الأوان لتسمعك. لكن لا تدع للشك طريقاً إلى قلبك لأن ما جرى لم يكن خطأك، "المشكلة ليست فيك ولكنهّا في أنا" كما قالت. وهي جملة لا يمكن إلا أن تؤخذ بكل حرفيتها، كما تعلم. وأنت سيد العارفين.

شعورك تجاه المقال؟