تغطية إخبارية، خبر

مخاوف من تدفق ملايين المهاجرين غير الشرعيين إلى سوريا طمعاً بملايين فرص العمل المعلن عنها

أحمد ماكر - محلل اقتصادي وسجين سابق

Loading...
صورة مخاوف من تدفق ملايين المهاجرين غير الشرعيين إلى سوريا طمعاً بملايين فرص العمل المعلن عنها

لا يخفى على أحد القفزات الهائلة التي سجلتها سوريا الأموية (٢) خلال وقت قصير في عالم الاقتصاد، حتى بات بالإمكان الإشارة بثقة إلى معجزة اقتصادية جديدة تنبثق في الغرب الآسيوي، بعد عقود على المعجزات الاقتصادية التي شهدتها دول شرق آسيا. وبينما جرى الحديث عن سعي سوريا الجديدة المتألقة لاتباع نموذج سنغافورة، فإن القادة السنغافوريون اليوم يعملون ليل نهار لتحويل بلدهم إلى نسخة مصغرة عن سوريا الناهضة العظيمة، التي أصبحت تمتلك هوية بصرية على شكل طائر العقاب الجارح.

لكن هذه الوثبة الاقتصادية الكبرى إلى الأمام لم تخلُ من آثار جانبية لم تكن بالحسبان، حتى في ذهن أقوى الخبراء والمستشارين وراسمي السياسات الاقتصادية بقيادة فخامة الرئيس أحمد الشرع. فبعد الإعلان عن خلق ما لا يقل عن ٢٧ مليون فرصة عمل، بواقع  مئة ألف فرصة عمل بالقليلة لكل مشروع جديد -سواء كان تطوير مطار أو افتتاح محل فلافل أو إغلاق حفرة صرف صحي في شارع جانبي- اتضح أن الشعب السوري كله على بعضه بشيبه وشبابه وأطفاله ومتقاعديه وموتاه وإيغوره وأوزبكه وشيشانه، لا يكفي لملء كل هذه الوظائف، خصوصاً أن الأقليات -وفق تقديرات وزير الثقافة الأموي- لن يُسمح لها بالعمل إلا في مجال الخادمات الشريفات المناسب لها.

من هنا برزت مخاوف تدفق موجات الهجرة غير الشرعية إلى سوريا طمعاً بالعمل، وهو ما قد يفتح الباب أزمات اجتماعية واقتصادية حادة، إذ من المتوقع أن تنتهج الحكومة السورية سياسة "الباب المفتوح" بوجه هؤلاء، جرياً على عادتها في استقبال الجهاديين الأجانب وضمّهم إلى صفوفها وارتكاب المجازر كتفاً بكتف إلى جانبهم.

وبينما ترحّب دول جوار سوريا ودول المنطقة عموماً بسياسات وإنجازات دمشق، وحرق المراحل الذي سيساعد على استيعاب العمالة الفائضة وغير الفائضة في تلك الدول، فإن قوى الإقليمية مثل دبي وقطر بدأت تشعر بخطورة ما يحصل واعتبار القوة الاقتصادية الجديدة تهديداً لها، حتى أن محللين أسقطوا عن دبي لقب "لؤلؤة الخليج" ومنحوه لسوريا، فيما باتت الدوحة -التي اعتادت أن تلعب دور الوسيط بأي نزاع- تبحث عمن يلعب هذا الدور في مفاوضات تجمعها بدمشق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى لو اضطرت للاستعانة بحركة حماس.  

وأبعد قليلاً باتجاه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فإن عدداً من المراكز البحثية يقرع ناقوس الخطر ليس بشأن ترك العمّال اليدويين كل شيء من أيديهم والذهاب إلى سوريا فورا فحسب، ولكن بإمكانية أن يتبعهم الأكاديميون والفنانون وخبراء التكنولوجيا والمدراء التنفيذيين والأطباء. بينما تحقق سوريا اكتفاءً ذاتياً من المهن الحيوية مثل التيكتوكرز والشيوخ وأمراء المناطق ومجرمي الحرب وزعماء الطوائف والمحللين السياسيين والمتهربين ضريبياً.

لكن في المقابل، تبرز أسئلة ملحة يبدو أن على الحكومة السورية التفكير فيها فوراً: هل هناك ما يكفي من موظفين حكوميين لاستقبال هذه الأعداد، وتحديداً إن رغب بعضهم بتقديم طلبات لجوء سياسي وإنساني كما هو متوقع؟ هل من الممكن أن ترحّل المهاجرين إلى دولة نائية كنيوزيلندا قبل البت في طلبات لجوئهم؟ ماذا عن التداعيات الأمنية لذلك؟ وهل تفكر الحكومة بضم بعض القادمين إلى الجيش والأمن العام للمشاركة في الهجمات المقبلة على الأقليات الدينية والعرقية؟ وهل سيأتي يوم تضطر الحكومة فيه لبناء سور على حدودها مع العراق وتركيا منعاً لتدفق الهجرة غير الشرعية؟ 

شعورك تجاه المقال؟