لايف ستايل، رأي

الحرب والسلام في چروب العائلة على واتساب

Loading...
صورة الحرب والسلام في چروب العائلة على واتساب

ليو تولستوي - أديب على باب الله يسترزق من الحدود

في البداية، بدا الچروب كخزانة أسرارٍ مقدَّسة، يتبادلُ فيها أبناءُ العمومة صورَ الطّفولة وأحاديث الطّقس وتصاميم جمعة مباركة. كانت الستيكرات الموّردة تنهال كأدعيةٍ دافئةٍ أطلقَتها أمٌّ أرسَلت ابنها لشراء علبة لبن، والإيموجيز المبتسمة توزّعُ بين الأعضاء كورود ربيعٍ لم يعرف ثورةً من قبل. 

لكن كما في كل التاريخ البشري، فإن لحظة البراءة، هي لحظة حرفياً. وقامت القيامة. إن كانت كل العائلات السعيدة متشابهة، فإنّ كل چروب عائلي تعيسٌ بطريقته الخاصة. تندلعُ المعارك من أهون الذرائع. صورةٌ قديمةٌ للعمّ أبو كريم مشوشة الحواف ظهرت في منتصف الليل، لم تعُرنا اهتماماً لملامحه بقدر ما فجّرت الأسئلة الدفينة… 

من كان في صدر المجلس حينها معه؟ ومن أعطاه الحق بوراثة ساعة جدّنا الكاسيو والإقامة في منزله مع زوجة سمينة وأطفال بلهاء؟ انقسم الچروب إلى مُعسكرين، وتحوّل كل تعليق إلى طلقة، وكل إيموجي إلى سيفٍ دامٍ. أما القاعدة الاستراتيجية الكبرى فكانت: من يُرسل أولاً، ينتصر معنوياً، ولو خسر كل شيء عملياً.

في خضم التوتر، اجتمع مدراء الچروب على هدنة إلكترونية: لا رسائل بعد العاشرة، ولا رسائل "مقصودة" ولا روابط لأغانٍ تُلمّح إلى خيانة أو غدر. ومع أول خرقٍ بفيديو أرسلته العمّة ضُحى عن علامات الساعة مصحوباً بصوت مبحوح يصرخ باقتراب الوعد الحق، وردّ العمّ أبو سليم عليها بأغنية شيرين "الكدّابين"، انهارت الهُدنة. 

أما العم أبو كريم هذا فقد دخل المعركة كجنرال متقاعد استيقظَ للتوّ فوَجدَ حرباً مندلعةً فلبس بذلته العسكرية. لا نعلم أيّ من مُدراء الچروب أضافهُ ولماذا، أخذَ يُبرِقُ بعشراتِ التسجيلات الصوتية من ثلاثة دقائق لكل منها كفيلة بتثبيط عزيمة جيشٍ نظاميّ. لم يترك خيانة إلا عدّدها، ولا نسباً إلا شكك فيه. 

أما نحن، الجنود البسطاء، هُزمنا في منتصف التسجيل الأوّل، الميوت كان رايتنا البيضاء التي تُعلن استسلاماً لا عودة عنه. لم يكن هناك نصرٌ ولا هزيمةٌ ولا مباحثات سلامٍ قادرة على إيقاف الفظائع الإلكترونية المرتكبة، بل الظلام وحده. فالحرب والسلام في چروب العائلة لا يُحسمان بالتضحية ولا بالحب، بل بتقنين الكهرباء وإنترنت سيء.



شعورك تجاه المقال؟