غرقي بالإنترنت يمنعني من تجاهل وجود لابوبو لكن موقعي الجغرافي يمنعني من الاكتراث حقاً
رشدي عبير المرج - خرج للتنزه منذ الأمس ولم يعد
١٧ أغسطس، ٢٠٢٥

بما لا يدع أي مجال للشك، تلقيت نبأ اللابوبو. تيقنت أنها ليست مزحة أو تفصيلاً ضاع بالترجمة، ثم تأملت قسمات وجهه، بينما يستريح عند قبر كارل ماركس، وتساءلت: ثم ماذا؟ ثم ماذا بالفعل؟ الآن أعلم أن ثمة لابوبو، لا مجال للعودة إلى حالة البراءة، حيث يستلقي العقل في خدرٍ لذيذ نائياً بنفسه عن هذا النبأ المجلجل. كلا، ثمَّة لابوبو ويجب لاستجابتي وحياتي وتوقعاتي أن تعاد صياغتها على هذا الأساس، أو ربما لا؟
يقول المنطق إن نبأ اللابوبو ليس حدثاً عرضياً، ربما يكون دليلاً آخرَ على تفريعة أخرى للرأسمالية لا شك أن أحدهم يعمل الآن على إيجاد تسمية وتنظير لها. وربما تكون -للمرة الألف- دليلاً على تناقضات هذه الرأسمالية ومسماراً آخر في نعشها، وبين كل هذا يجب أن ننتبه إلى سلاسل التوريد والمضاربين التي تحرّك لابوبو حول العالم بينما أراوح مكاني. وربما لا.
لا أزال أتصفح الإنترنت بوتيرة مقلقة، بل إن هذا التصفح هو ما وضعني بدرب لابوبو، الذي انحشر بين خبرين اثنين أحدهما عن التطورات الميدانية، بينما كان الثاني ينبئ بكارثة مالية عالمية أخرى. هكذا أعلن حضوره وهكذا استقبلته، بنفس الحفاوة التي أبديها عند سماع التعيينات الوزارية ونتائج لجان التحقيق: لماذا لا أنسف وجودي الافتراضي؟ وربما أفعل، يوماً ما.
وإلى أن أنسف هذا الوجود، علي أن أحدد موقفي من لابوبو. هل أدعي القلق منه؟ لن يسمح موقعي وقدرتي الشرائية وعدة أشياء أخرى بأن تؤخذ مخاوفي من النزعة الاستهلاكية التي يجسدها لابوبو على محمل الجد. هل أتقبله وأحبه؟ لن يسمح موقعي وقدرتي الشرائية وعدة أشياء أخرى بأن أشحنه إلى عنواني وأدخله إلى حياتي وإن رغبت. فما العمل؟
مترعاً بكميات من المعلومات التي لا أعرف مصدرها أو قيمتها أو الغاية منها وكيف تنبثق أو تتوقف، تلقيت نبأ اللابوبو. احتل حيّزاً في ذهني، جاور ست حروب عاصرتها وحيزاً أشغلته لشوكولا دبي وآخر للماتشا. غداً ربما يشغل تفصيل آخر حيزاً آخر وتنتفخ ذاكرتي كهاتف سامسونج تحت الشمس ثم يختلط ما فيها وينفجر، لكنّي لا أبيع ارضي، وعلى أرضي لا أجد سبباً واحداً لأكترث حقاً بكل هذا.