الجحيم هو سائق التكسي الذي لا يشغّل المكيف
جان بول سارتر - فيلسوف سابق وكاتب مأجور في الحدود
١٣ أغسطس، ٢٠٢٥

الجحيم ليسَ أيُّ آخر، ليس كلُّ الآخرون كما كنت أعتقد، آسف يا جماعة. إنه هنا، إلى جواري في كابينة سيارة أجرة على مقعد مهترئ، يراقبني بطرف عينه كقاضٍ يتلذذ بسلطته عليّ: التحكم بزر المكيف. يقرر كم من العرق يليق بي، أي مستوى من الاختناق أستحق في هذا القفص المتحرّك نحو العدم.
إنه هنا، الجحيم. بنوافذ تجلب هواءً كالمُهل يشوي الوجوه. أما الزجاج الشفاف، فهو تذكير بأن الحرية ممكنة نظرياً فقط، بينما تستمر الحرارة في تعرية أفكاري، جلدي، بذرة دماغي، محفظتي التي لم تساعدني على اقتناء سيارة والتحكم في زر التكييف كما يشاء وجودي في هذا العالم المتوحّش الحارّ يا إله المكيّفات.
مع كل إشارة مرور، عرَقُه يختلط بعَرَقي في هواء السيارة الثقيل بينما تذوب الحدود بين أجسادنا، أسأله عن المكيّف برجاء وأمل، فلا يجيبني. هذا الاتحاد القسري الذي لم أختره مع إله لم أؤمن به، لا يجيبني. إنه مكتفٍ بذاته، بكونه جالساً على عرشه الجلدي يراقب إيمان مؤشّر الوقود، غير مضطرٍ لتبرير حكمته، لأن الكون/السيارة محكومٌ بالندم.
عدّادٌ يقيس الأجرة، وآخر يُحصي ثواب صبري وثباتي وإيماني، وآخر يعدّ ثواني وجودي الذي يذوب في المقعد كقطعة زبدة في الدرك الأسفل من النار، لا أعرف كم مرّ من الوقت. ربما ثلاث دقائق، أو قرنٌ ونصف مما تعدّون. في رأسي، شاهدت إمبراطوريات تقوم وتسقط، محيطات تتبخر، وأجيالٌ كاملة تولد وتشيخ وتموت على هذا المقعد نفسه، كل ما تغيّر هو أن العداد تحوّل من أرقام إلى رموز كونيّة أحتاج إلى مسح قطرات العرق النازلة على عيني لأحاول فكّها، بينما المكيف ظلّ احتمالاً ميتافيزيقياً يطوف حولي، بعيداً بما يكفي ليكون أبدياً.