تغطية إخبارية، تقرير

هناك بعيداً في مكان ما، تعيش أقوام لم تضطر أن تعرف قط أياً من هذا كله

رشدي عبير المرج - قسم الإعداد ببرنامج طرائف حول العالم

Loading...
صورة هناك بعيداً في مكان ما، تعيش أقوام لم تضطر أن تعرف قط أياً من هذا كله

في اكتشافٍ ربما يغير من فهمنا للحياة ومعناها وموقعنا فيها، وقد يدفع أعتى وأشجع قرائنا للقنوط والبكاء حد التعب، تستطيع الحدود -وببالغ الأسف- أن تؤكد وجود أقوامٍ من البشر البعيدين، هناك في كل أصقاع الأرض، الذين لم يضطروا أن يعرفوا قط أياً من هذا كلّه أو يجرّبوه أو يسهم بشكلٍ أو بآخر بتكوين ذواتهم ومعتقداتهم، بل وأن يرسم لهم مستقبلهم وصدماتهم حتى.

يأتي هذا الكشف كثمرة لعملٍ مضنٍ أجراه فريق الحدود -الذي انقطع التواصل معه مؤخراً مع اقتراب موعد عودته- وشمل استطلاع ودراسة هذه الأقوام في مساكنها الطبيعية وأماكن عملها وسكنها وإجازاتها، حيث رصدها الفريق وهي تثبت وجودها بشتى الطرق التي لم تدع مجالاً للشك، مثبتاً أن هذه الأقوام لم تجبرهم الحياة على أن يعلموا ما نعلمه، أو أن يعلموا أنهم لم يُجبَروا على أن يعلموا ما نعلمه، وأنهم في الحقيقة إنهم لا يقيمون لكل ذلك وزناً على الإطلاق.

فبعد خضوعهم لاختبارات محكمة، أجابت الأقوام بالنفي على كل الأسئلة التي وجهت إليهم. فلم يعلموا بوجود شخصية تدعى أبو حسين ٦٠٠، أو أبو أحمد حدود، أو الشيخ رضوان، أو أبو شباب، أو الهجري، أو مقداد فتيحة، أو كابتن إليا، أو صفحة المنسّق؛ أو منشأة عماد أو صاروخ خيبر، كما عجزوا عن تسمية أي من المؤامرات التي تستهدف المنطقة في هذه اللحظة الحساسة بالذات، أو إظهار بعض المهارات الحسابية كتقدير الزمن اللازم لتعفن الطعام في ثلّاجة بلا كهرباء، أو معنى كلمة "مجاعة" وقدرة الجسد البشري على تحمل الجوع والتحلّي بالمرونة العضلية اللازمة لطأطأة الرأس حين تستدعي الحاجة.

وعلى الرغم من المهارات الحياتية التي توفرها هكذا معرفة والإمكانيات الهائلة في تنشئة أفرادٍ صحيحين معافين يجيدون التعامل مع الحياة بأتعس أشكالها، إلا ان الأقوام المختلفة التي التقاها فريق الحدود أجمعت على عدم اهتمامها، رافضةً هذا العرض بتهذيب ومفضلةً التركيز على الشيء الذي كانوا يقومون به، أياً كان هذا الشيء الذي لم يفهمه فريق الدراسة ولكن له علاقة بتوفير ظروف حياة ممتازة ومستقبل مشرق وما إلى ذلك من تفاهات.




شعورك تجاه المقال؟