هزيمة طهران قد تسمح لإسرائيل بشن غارات على سوريا وقتل مدنيين في غزة لا قدّرَ الله
١٨ يونيو، ٢٠٢٥

عبد الدافش نكاشة - كاتب وباحث عن تبريرات لمناصرة نظام الملالي
تفرض التطورات الخطيرة الحاصلة في المنطقة مؤخراً، والناجمة عن التصعيد غير المبرّر للكيان المحتل الزائل ضد الإخوة والرفاق في الجمهورية الإسلامية، تفرض علينا ككُتّاب وباحثين وناشطين عرب في الأردن ومصر وشمال إفريقيا، التحذير من مغبّة انهيار النظام الإيراني وما سينتج عنه من مصير مجهول لمعادلات الردع في الشرق الأوسط، وتمادي المؤامرة الصهيو-أمريكية في حياكة خيوطها حول رقابنا.
يشاركني الزميل الناشط الشيوعي الإسلامي القومي المصري عبد الباسط إنجلز في مواخفي، إذ وبّخ سكان دول المشرق غريبي الأطوار الذين يفرحون لمقتل قَتَلتهم، معتبراً أن السوريين مثلاً من قصيري النظر هؤلاء الذين لا يعرفون مصلحتهم كما يعرفها هو "لا يدركون أن إسرائيل ستكون قادرة على شن غارات جوية في بلدهم متى شاءت في حال هزيمة الحرس الثوري". وأضاف إنجلز أنه قلق على سلامة حمص وحلب ودرعا والزبداني وإدلب والقصير ومخيم اليرموك وريف دمشق إن لم تعد القوة الإيرانية موجودة في المنطقة.
كما اتفق معه ومعي الكاتب الموريتاني سيدي عبد ولد سيد مع ما ذهبنا إليه من نتائج وخيمة ستترتب علينا في حال هزيمة طهران، وهو أمرٌ مستبعد تماماً، مشيراً إلى أن إسرائيل ستكون قادرة على قتل المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بكل وحشية إن حدث ذلك لا قدّرَ الله ولن يكون هناك من رقيب أو حسيب.
وحذّر سيدي من أن جيش الاحتلال قد يُقدم على استهداف منتظري المساعدات ونزلاء المستشفيات والنازحين في الخيم والأطفال، ويمنع دخول الغذاء والدواء إن شعر بغياب إيران كقوة رئيسية وحيدة مدافعة عن أهل القطاع ومستعدة لخوض حرب وجودية في سبيل أذرعها في المنطقة، كما حدث في غزة وجنوب لبنان خلال العامين الأخيرين.
من جانبه، نبّه الناشط الديمقراطي التونسي حبيب بو رقابة من المستقبل الأسود الذي ينتظر المنطقة في حال هزيمة سماحة الإمام، مشيراً إلى العمق التاريخي لهذا النظام إلى الحد الذي يوصف بأنه نظام يعود إلى القرون الوسطى.
ولا بد هنا من التوقف عند دعوة زميلي حبيب إلى التوجّس من أن أي نظام إيراني بديل قد يقتل شعبه ويقمع المظاهرات المطالبة بالحريات بوحشية لا قدّر الله، وإشادته بالزمن الجميل عندما كان صدّامُ حسين وحافظُ الأسد يُشيدان أنظمةً وطنيةً تستثمرُ كلَّ الطاقات، وتستفيدُ حتى من جماجمِ وعظامِ أبنائها وبناتها وجلودِهم المسلوخة، لتعزيزِ دعائمِها ومنعتها، عكس ما يُشاع عن أن النظامين البعثيين السابقين لا يطيق أحدهما الآخر، وهي دعاية صهيو-إمبريالية رخيصة ومكشوفة.
مما سبق، يبدو جلياً وجود توافق بين الجسم الثقافي العربي الناشط في التصدي للمؤامرة وفي دعم صمود محور المقاومة، وكنت سأدعم رأيي هذا بمواقف لأخينا من الجزائر عزيز بو طوّاش والرفيق المغربي حكيم المهدي، لولا انشغال الكاتبين بتبادل اللكمات بشأن تحديد هوية الصحراء إن كانت غربية أو مغربية، علماً أنه سبق لهما خلال خوض نزالات مماثلة أن استغلّا لحظات الاستراحة للإعراب عن استهجانهما لانشغال سكان المشرق العربي بما وصفاه بـ"الصراعات الجانبية"، ولجود أولويات لدى سكانه مثل حياتهم وأمنهم ومستقبل أبنائهم.