تغطية إخبارية، دراسة

سيوران يكتب: أمل هذه تكون أمك…

إميل سيوران - كاتب

Loading...
صورة سيوران يكتب: أمل هذه تكون أمك…

صبيحة العاشر من مايو، استيقظت لأجد مخزوني من التعاسة شارف على النهاية؛ كان عليّ تعزيزه من خلال تسوّل مستحقاتي المتأخرة منذ ثلاثة أشهر من شبكة الحدود، ليجيبني أمير اللوز، مدير شؤون اللؤم والحقد والخزينة، بأن عليّ الصّبر والتحلّي بالأمل!

أمل؟ هل غسلتَ يديك يوماً بصابون الأمل؟ رشفتَ فنجان أمل بدل القهوة؟ قليت بيضتين أمل بزبدة العدم؟ هل تتقاضى مرتّبك أملًا بنكياً أم نقداَ أم فكة معدنية؟ أم أن أمل هذه تكون أمّك، وإن كانت كذلك فما شأني أنا لتأتِ على ذكرها؟ لمَ لم تتحلَّ أنت بها وتعطيني مستحقاتي وننتهي من هذه المهزلة البشرية؟ 

يُقال: ما دامت هناك حياة، فهناك أمل. وأنا أقول: هذه الجملة كُتبت في مذبحة، في مسلخ. من قالها كان يفتّش عن خرقة ليمسحَ بها الدم بعد اقترافه جريمة فلم يجد؛ فآمن أن أمل ستتكفّل بذلك، وأطلق ساقيه للريح هارباً فصادفته كلابٌ مسعورة فانضمّ إليها وأصبحَ منذ ذلك الوقت كلباً.

ما شأني وأمل؟ لماذا أتلقّى هذا العذر بينما أريد ربّ دين نقود لأشتري السجائر؟ ولماذا هذا الأسلوب المؤدّب في التأجيل؟ لماذا لم تطلب مني صراحة أن أفتّش مؤخرتك عن مستحقاتي بدلاً من جعل السقوط يبدو وكأنه قفزة بهلوانية راقية؟

سبحانك ربي! كلما اقترب المرء من الكارثة، كلما سمعَ عن أمل، لذلك لا عجب أن تسمعَ عنها في الأحياء الفقيرة وبين الأقلام المأجورة وصغار الكسَبَة، وليس في الفنادق الفخمة ومحال بيع الأشواغندا بالأفوكادو؛ إنه فقرٌ داخل فقر، وهمٌ يُقرض الوهم ذاته، ويطلب فوائد. 

ذات مرّة، رأيت وجه أمي وهي تقول لي: كل شيء سيكون على ما يرام. كانت ترتجف، لكنها تبتسم. علمت حينها أن الأمل لا يغيّر شيئًا سوى ملامح الوجه، وأن الكارثة قادمة سواء ضحكنا لها أم لا، وأن الخلاص الوحيد يكمن في الإدراك العميق أن لا خلاص. في ذلك الصفاء الأسود الذي يغمرك حين تدرك أنك ستتوسّل مستحقاتك للشهر الرابع بما يشمل هذه المقالة، يا ابن أمل. 



شعورك تجاه المقال؟