نوَّاف سلام: نصف لمعة
حازم كفى - -
٠٢ يونيو، ٢٠٢٥

هذا المقال مُخصَّص لمدح رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام. وطبعاً، هناك هدف لهذا المدح.
جَرَت العادةُ أن يُحيطَ بكلِّ رئيس حكومة، وكلُّ رئيس جمهورية، وكلُّ رئيس حزب، كوكبة من المؤيدين والمصفقين والجواكر، وهؤلاء يُطلق عليهم رجال البلاط، هناك وزراء بلاط، وشعراءُ بلاط، وصحافيو بلاط أيضاً. أي أنهم يبلّطون، والبلاط قد يكون رخاماً صقيلاً لامعاً أو خشناً أو بنصف لمعة.
سأعطي هذا المقال "نصف لمعة" كبداية، وأنظرُ في استكمال التلميع وفقَ تجاوب سلام مع نصف اللمعة الأولى.
بالنسبة لي، أعتقد أن كتابة مقال يلمّع صورة رئيس حكومة يحتاج إلى إبداعٍ كبير يقارب الجنون، وهو ما يستحيل على صحفي تقليدي عاقل أن يُحقّقه.
كلنا نتذكر صحافيون تغزّلوا بالرئيس نبيه بري: يهدي اللبنانيين التوافق وطاولة الحوار بمناسبة العيد، يُخرج الأرنب من القبعة، ويُزيل الظلمة من الغمام. بطل، سوبرمان، غريندايزر. ونوّاف سلام غريندايزر أيضاً. آخر اسمه "سلام"، ما يعني الطمأنينة والأمن والحب والسكينة؛ وفوق ذلك، هو قاضٍ، يحكم بما يرضي ضميره، وأنا لن أكتب فيه إلا ما يريح هذا الضمير ويرضيه.
نوّاف، الرجل الذي أرسى معايير جديدة لتشكيل الحكومة. انتشرت حوله كثيرٌ من الشائعات والأقاويل، مثل أنه لن يختار وزراء إلا من خريجي الجامعة الأمريكية، أو أنه يريد وزراء يتقنون اللغة الإنجليزية. حسناً. معه حق؛ ما من أحد في العالم العربي يستطيع مخاطبة المجتمع الدولي بالعربية، ونحن في النهاية نتعامل مع هذا المجتمع من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويجب أن يتولاهم من يتقن لغتهم. وهكذا تجلّت "حنكة" نواف سلام، حيث جعل الجميع يتحدّثون الإنجليزية، فتطورت لغة الوزارات من إنكليزية معاهد طريق المطار إلى إنكليزية البريتيش كاونسل على سوديكو.
نوّاف، الرجل الذي شكّل فريقاً من المستشارين له وللوزارات، ليتولّى معه "تركيب" الحكومة لم لا تكتب يا حازم مقالًا يُبيّض وجه حكومة نواف كلّها، فيصير الخير خيرين هذا الفريق، يعرف من أين تُؤكل "الكتف"، ويعرف كيف يقتنص الفرص، ويعرف من يعرف، ويعرف من لا يعرف ويقول كف عدس. وهذه، بطبيعة الحال، ميزة لبنانية فريدة. "يا عيني عليك يا أبو الحزم، آخر جملة هذه مثل جمل مقدمات الأخبار التي تكتبها مريم البسّام، فهي تعلم كيف تكتب وتنزل النقطة وتبدأ سطرًا جديدًا".
نوّاف، الرجل الذي شكّل حكومة نجوم، حكومة ريال مدريد وبرشلونة والنجمة. الرجل الذي عندما يجب أن يقول "لا" يقول "لا". قال "لا" لكريم سعيد ورفض أن يصبح حاكم مصرف لبنان، وكلما جاء الرئيس عون ليقول له "كريم آه" يقول له نواف "لأ". صحيح أن كريم أصبح حاكم المصرف، لكن نواف قال الـ "لا". وأخيراً، نواف هو رجل المواقف الصعبة، الرجل الذي كسر بصلة على أنفه وكرم محمود عباس، رئيس رام الله وضواحيها، حتى يتدخّل في مسألة سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان ولو بجملة من جمله الشهيرة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيأتي نواف سلام رئيساً للحكومة بعد الانتخابات النيابية في العام المقبل؟ بلا شك. من غيره قادر على إدارة تشكيلة ريال مدريد/برشلونة/النجمة؟ لن نطيّر الكوتش، هذا عيب. وغباء.
نوّاف، أعظم وأرقى وأوسم رؤساء الحكومات الذين مروا في تاريخ لبنان. وعلى قاعدة سباق "ماما أنا مدير / ابن خالتك صاحب شركة"، يُحكى أن نواف أتى قائلاً "أنا قاضٍ" فقيل له "ابن عمك رئيس حكومة" فقال "أنا سأكون قاضياً ورئيس حكومة"، وصار رئيس حكومة.
نوّاف، هو الرجل الذي لم يكتب صحفيٌّ مقالاً عنه كما فعلت. أجزم بذلك.
نوّاف، أنت الرجل الذي أرجو أن تتقبل مني هذا المقال المتواضع. وأن تحاسبني عليه، وإلّا سأكون مضطراً لكتابة مقالات أخرى عنك في جريدة الأخبار.