هل أتأخر قليلاً في الدوام فأوبَّخ لعدم انهاء العمل، أم أنهي عملي وأغادر في الموعد فأبدو خائناً للشركة؟
مايكل أبو العاص - محرر ملحق "أريد حلاً" في مجلة الحدود بزنس ريفيو
١٩ مايو، ٢٠٢٥

إنّ الحيرة التي تعيشها بين الخروج من المكتب جثّةً كاملةً أم ذائبة، هي دليلٌ واضحٌ على عملكَ في شركة محترمة لا تقيّم الموظفين انطلاقاً من هَوَس الرأسمالية في مراقبة الإنتاجية وإنجاز الأعمال وجودتها، بل بعدد مرّات رؤية مديرك لك وأنت ممتنّ لأنّه لمّكَ من الشارع وحواك فشغَلك، وفوق ذلك دفع لك مرتبّاً.
المشكلة الوحيدة في هذا النوع من الشركات - خاصةً الفاميلي بيزنس - أنك إذا أنهيت عملك قبلَ خمس دقائق، ستبدو للمدير، أو ابن شقيقه الذي حضر مؤتمر حاضنات أعمال في دبي عام ٢٠١٩، كمن كُشفَ أمرهُ أخيراً. فتُسأل "إلى أين إن شاء الله؟" والمقصود: لمَ العجلة؟ هل لديك وظيفة ثانية؟ هل سامحتنا بأجرة الخمس دقائق أم ستحسبها علينا؟ هل أنت حمار أم تدّعي الغباء؟
وهذا لا يعني أن تتذاكى فتقرر البقاء في الشركة؛ لأنك ستظهر كمن يطلب بدل عمل إضافي، أو يتسوّف ويهدر موارد الشركة، التي هي بيتك، أم أنك لا تحب بيتك يا خائن العِشرة؟ لذلك يرجى العودة وراء مكتبك ووضع هاتين الكلمتين حلقةً في أذنك:
أنا هنا، إذاً أنا موجود
كلّما أنجزتَ جُزيئاً صغيراً من أجزاء العمل، توقّف أمام مكتب مديرك ومرّن ظهرك وكتفَيْك مع تنهيدة "التعب الممتع" وابتسامة رضا، واسأله إذا كان يريد أن تحسب حسابه بفنجان قهوة قبل العودة للعمل الرائع السهل الممتنع الذي بقيَ لهُ تكّةً وينتهي؛ ولا تحزم أغراضك قبله، حتى لو انتظرت بضعة دقائق أو ساعات أو أيام بعد الدوام.
ملاحظة حرجة:
إذا كان مديرك من النوع المتقاعد في الشركة ويفضّل إمضاء الوقت على السوليتير حتى موعد نومه، فعليك الحذر من أن يراك بانتظاره حتى وقت متأخر، فيصنّفكَ كموظف مثالي يمكن تكليفه بأي مهمة في أي وقت دون تذمّر أو أن يأخذك معه إلى المنزل ليلعب عليك الأطفال؛ فإذا كان كذلك، فعليكَ باتباع النقطة التالية...
(٨٠، صفر، ٢٠) + ٥
أنجز ٨٠٪ من العمل صباحاً قبل أن يشرّف مديرك، ثم استغلّ انشغاله باللا شيء ومارس اللاشيء بدورك، ولا مانع من اختلاق اجتماع معه عن اللاشيء؛ على أن تنجزَ الـ ٢٠٪ المتبقية مع انتهاء الدوام بالضبط، مع تطبيق استراتيجية "التّعب الممتع" المذكورة، لتسأله هذه المرة إذا كان يأمرك بشيء قبل المغادرة، لأن والله أمك متعبة وعليك اصطحاب أبيك من المطار قبل أن تلد شقيقتك توأماً ملتصقاً في أي لحظة.