ذنب الكلب
١٩ مايو، ٢٠٢٥

ممدوح حمادة
عانى ذَنَبُ الكلب كثيراً عبر التاريخ، لكثرة المحاولات التي بذلها البشر من أجل تجليسه؛ حتى إنهم وضعوه في قالبٍ مدة أربعين عاماً ليغيّر شكله، لكنه ما إن خرج من هناك حتى التقط أنفاسه، وعاد إلى اعوجاجه مجدداً، وهذا طبيعي جداً، فالاعوجاج من طبيعته، إن حدث أن أصبح مستقيماً، سيتسبّب لصاحبه بآلامٍ مبرحة؛ لذلك، فإنه -بكل تأكيد- سيعود إلى اعوجاجه عند أول فرصة تتاح له للالتفاف على نفسه.
الشيء الوحيد الذي استفادَهُ البشر من وضع ذنب الكلب في القالب، هو خروجهم بنتيجة مفادها "ذنب الكلب، وضعوه في القالب أربعين عاماً، وبقي أعوجَ". وقد تحوّلت هذه النتيجةُ إلى عبارةٍ مأثورةٍ، يتداولها الناسُ للدلالة على استحالةِ تغيير ما لا يُمكن تغييره.
ومع ذلك، لم يكفّوا عن بذل مساعيهم وجهودهم لجعل الذَنب مستقيماً، رغم معرفتهم جميعاً بمقولة آينشتاين التي يُفهم منها "إنه من الغباء تَكرار التجربة نفسها وانتظار نتيجةٍ مختلفة". وبالفعل، لم يحصلوا على نتائج مختلفة في هذا الشأن.
وظلَّ ذنب الكلب يعاني من محاولات التجليس، حتى توصَّل إلى حلٍّ معقولٍ يُناسب ثقافةَ عصرنا التي تصنعها وسائل التواصل، فصار يقنع الناس بأنَّه مستقيم، عبرَ تشكيلِ جحافلَ ممَّن يُطلق عليهم البعض "الذبابَ الإلكتروني" ويسمِّيهم آخرون "الدوابَّ الإلكتروني"، وهذه الجحافلُ كفيلةٌ بجعل أعتى الرؤوسِ تعترفُ بأن ذَنَب الكلبِ كالمسطرة، تحاشياً للوقوع فريسة لها، إذ تكون غالباً مصابةً بالسُّعار.
وهكذا حُلَّت المشكلة إلى الأبد، بفضل الذباب والدواب الإلكتروني الذي باتوا يشكّلون جزءاً لا يتجزأ من ذنب الكلب الأعوج.