تغطية إخبارية، تقرير

أزياء: في تحوّل الجولاني إلى شرع

فهمي الخفيف - خبير أزياء المراحل الانتقالية

Loading...
صورة أزياء: في تحوّل الجولاني إلى شرع

يتساءل شبابنا العربي الواعي، وتتساءل شاباتُنا السافرات، عن طريقة الانتقال من موضة الأزياء التي لاقت رواجاً أيّام دولة الخلافة وقطع الرؤوس، إلى الموضة الجديدة الدارجة بين إسلاميي اليوم متطرّفي الأمس. 

نُلقي اليوم نظرة على سرّ أناقة وتألّق الرئيس السوري جولاني-شرع: كيف أسر قلوب الأمّة وما يسمّى بالأقليات؟ وكيف يمكن للشاب العربي أن ينتقل مثله بأناقةٍ من أزياء صيف الرقّة ٢٠١٧ إلى ستايل دمشق ربيع ٢٠٢٥؟

تميّز الجولاني (الشرع لاحقاً) بإطلالته المغبرّة التي لا تنسى، إذ جمعت بين الأفغانيّة والإسلاميّة والداعشيّة والجبه-نصرويّة. لاقى هذا الستايل رواجاً كبيراً في منطقتنا الرائعة، كما انتشرت صوره في مجلّات المشاهير من المطلوبين حول العالم.

اللوك السابق - صيف الرقّة ٢٠١٧

اعتمد الجولاني -وعشرات الآلاف غيره من الشباب والإخوة والشهداء- على ثلاثة عناصر أساسيّة في هذا الستايل. أوّلاً، إطالة اللحية، وحفُّ الشارب بطبيعة الحال. كانت تلك الخطوةُ الأولى لتحصيل مظهر الطلّة الاستشهاديّة التي تتلهّف لرؤياها حور العين. وقد أضاف العديد من المجاهدين فكرة إطالة الشعر قدر الإمكان، لينتج مظهرٌ يوحي بالحريّة والانطلاق والثقة، حيث تتماوج كتل الشعر وما علق فيها من غبارٍ مع هبوب الريح أثناء امتطاء التويوتا.

وكان العنصر الثاني المهم هو الثوب المغبر الكلاسيكي، بألوانٍ ترابيّةٍ متدرّجةٍ تبدأ من منتصف الساق صعوداً، تزيّنه رشقات بقع ألوان متناثرة هنا وهناك. 

تميّز لوك صيف الرقة ٢٠٢٠ أيضاً بتنوعه السلفي، ونجح في تحقيق ذلك بالاعتماد على غطاء الرأس والإكسسوارات كجزء من اللمسة الخاصة التي ميّزت المجاهد-الشهيد أو التنظيم. استعان للشاب-المجاهد حينها بالكوفيّة أو الغترة أو بأيّ قطعة قماش من برادٍ قديمة أو أغطية للفّها على الرأس. أمّا الإكسسوارات، فشملت الساعات الثمينة المأخوذة من جثث شهداء التنظيمات الأخرى، إلى جانب أحزمة الذخيرة التي لُفَّت على الصدر. واستبدل البعض هذه الأخيرة بالحزام المتفجر في عدّة تنظيمات، وهو الأمر الذي استهجنه كبار مصمّمي الأزياء ومهندسو الأماكن العامّة في الغرب.

بعد كل هذا العناء، كيف يمكن لشبابنا اليوم الانتقال إلى أزياء دمشق ٢٠٢٥؟

اللوك الجديد - دمشق ٢٠٢٥

عزيزي الشاب المجاهد أبداً المتطرّف دوماًً، المطلوب سابقاً ورجل الأمن حاليّاً: الموضوع بسيط جدّاً وليس مكلفاً كما يبدو. 

أوّلاً، طوّل الشارب، طوّل الشارب بسرعة شديدة عزيزي المجاهد. وللحفاظ على ستايلك، كي لا يقال إنك تغيّر من أفكارك وقناعاتك بحسب موازين القوى في العالم والواقع الجديد -لا سمح الله- يمكنك أن تضرب حالةً وسطيّةً في طول الشارب، فلا هو طويل كما شارب مخبر النظام، ولا هو محفوف. ننصحك هنا بالاطلاع على التوازنِ الفذّ الذي تمكّن الجولاني-الشرع من تحقيقه. يساعد هذا الطول المموَّه لشعر الشارب على عودتك بنشاط إلى عالم الانستاغرام وجذب اهتمام الأخوات العورات.

ثانياّ، شعر الرأس. إحلق رب شعرك عزيزي المجاهد وعد بتسريحتك إلى حقبة التسعينيات التقليدية. وهذه ليست مشكلة ولا تناقضاً بأي حالٍ من الأحوال، فالتسعينيات كانت قبل ثلاثين عاماً، ويمكن اعتبار العودة لها شكلاً من أشكال السلفيّة. وهنا، لا بد الإنتباه إلى التدريج في طول الشعر على الجوانب، إذ إن هذا شكل من الإبداع، والإبداع بدعة والبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار - على اعتبار أنك في الجنة الآن عزيزي. لذا، حافظ على طول الشعر ثابتاً على أطراف الرأس، ولا تعتمد التدريج في تسريحتك الجميلة الجذّابة إلّا لاحقاً، أسوة بالشرع-الجولاني سابقاً.

ثالثاً، والأهم، تخلَّص من الأحزمة المتفجرة بشكلٍ آمن، بعيداً عن المسلمين، أو بالقرب من المسيحيين والروافض والكفرة والعلويين والاسماعيليين والأكراد والدروز والبهائيين والأرمن والأزيديين والأشوريين. ولا تنسَ أن تطوي الثوب وتحتفظ به، فأنت لا تعرف متى تعود الموضة من جديد؛ فذلك نمطٌ معروف في عالم الأزياء حيث تعود موضة للرواج بعد أن أُهملت لألفٍ وأربعمئة عام.

أخيراً، وبنفس الإطار، استعد ما كان لديك من بدلات في السابق، إن لم تكن قد حرقتها عندما أصابتك الصحوة الدينية وعدوى العقيدة. ويمكنك طبعاً استعارة البدلة من أحدهم؛ ولا جدوى بأي حال من التفصيل لأن الخياط قد قُتل في تفجير.

لكنك ستحتاج إلى ربطة عنق، فما اللون المناسب عزيزي الشاب-المجاهد؟ تحتاج لوناً يربطك بمن كنت دون أن يفتقر للأناقة. شاركونا اقتراحاتكم من مشاهير عرفتموهم ويحكموننا.

شعورك تجاه المقال؟