قصة نجاح: هكذا اكتشفت أن الناس معها حق والله بعدما جلست مع نفسي لنصف ساعة
مايكل أبو العاص - مراسل الحدود لشؤون الفشل بداية النجاح
١٨ مايو، ٢٠٢٥

ألحَّ عليّ مديري والزملاء والزميلات والقراء وملك الحدود، أبو صطيف بكر علي أحمد اللوز، والشركاء والممولين والأعزاء في برنامج العضوية من الداعمين والمتبرعين، ونقابة الصحفيين ودائرة الرقابة في جهاز المخابرات، ألحَّ كل هؤلاء الأفاضل أن آخذ إجازة أحدد مدتها كما أشاء؛ كي أريح رأسي وبدني ولساني قليلاً.
قبلتُ مبادرتهم الكريمة، التي لاقت رفضاً قاطعاً من زوجتي وأبنائي وأصدقائي وجيراني، لأسباب تتعلق بحرصهم على مواصلة شغفي وعدم الجلوس كالشوال أبداً، تحت أي ظرف. وكحلٍّ وسط، استأجرتُ كوخاً معزولاً مطلاً، كان كشكاً يبيع القهوة على الطريق الخارجي وأغلق منذ كورونا، وجلست أفكّر بمايكل الإنسان ماذا يقول لمايكل الذي تقرؤون كلامه.
كان الكرسي بلا ظهر وقاعدته معدنية، وكوب الشاي الذي أحضرته معي وصل بارداً، وكان وجه بائس يقطع الرزق يحدق في سطحه، يا ساتر! هذا وجهي. كنت أعتقد أنني شخص لطيف دائم الابتسامة وصاحب نكتة، كلي طاقة وحماس وأرسل مقاطع تحفيزية في الثالثة فجراً لأصدقائي وزملائي، أرد على الرسائل المقتضبة بأخرى صوتية تمتد لدقائق تعكس اهتمامي بسؤالهم عن العمل.
لكن بعد نصف ساعة من الصمت والتحديق في هذا الوجه، أدركت الحقيقة: أنا سبب الانسحاب الجماعي من جلسات الأصدقاء عند حضوري وليس المشاغل. أنا السبب في تبرّع زملائي أن آخذ المكتب المنفرد قرب نبات الزينة. أنا السبب في أن ينام الجميع مبكراً في نهاية الأسبوع ولا تسنح لنا فرصة التسكع. أنا السبب في أن الرسائل تصلني مقتضبة. إيـــــه كم أن مايكل الإنسان حيوان!
بماذا طمعت أم العاص كي تتزوجني؟ أم أن الحب أعمى فعلاً؟ العمى في هكذا خلقة حتى كوب الشاي لم يتحمّل برادتها. هل العاص يطيقني أم يتحمّل والده فحسب؟ ماذا عن حرص الجميع عليّ؟ الإجازة؟ مواصلة الشغف؟ ما الذي يدفعهم لمعاملتي بهذا اللطف إن كنتُ أنا نفسي أودّ خلع نيعي لإخفاء هذا البؤس والنكد وثقل الدم والفجاجة من أمامي؟