تغطية إخبارية، تقرير

ماذا تفعل العناصر المنضبطة في اليوم العادي الذي تحدث فيه المجازر؟

آدم مؤزّر - مراسل الحدود لشؤون أوقات الفراغ الرسمية

Loading...
صورة ماذا تفعل العناصر المنضبطة في اليوم العادي الذي تحدث فيه المجازر؟

فيما تملأ عناصر الأمن السوري المنفلتة أيامها بترنيم الأناشيد والمواويل الجهادية، وامتطاء السنتافيه ٢٠٠٣ والتوجّه في أرتال لتلبّي واجب العقاب الجماعي، وارتكاب المجازر في الساحل والسويداء وجرمانا ونهب السكّان وسبيهم لتربيتهم، وتربية الأكثريات بهم، وتأكيد أن لا أحد فوق القانون إلا القانون نفسه، يتلفّت السوري الأعزل حول نفسه باحثاً عن العناصر المنضبطة.

فأين هي هذه العناصر؟ ما عددها؟ كيف تقضي أوقاتها؟ ماذا تفعل خلال الدوام الرسمي؟ هل هي عناصر بمعنى أشخاص حقيقيين، أم عناصر عناصر؟ ما خواصّها؟ كيف يمكن تحفيزها للتفاعل مع الأحداث؟

في الحدود، طرح بعض زملائنا هذه الأسئلة أيضاً، لكننا بحثنا عن الإجابات، لئلا يُساء فهمنا على أنه اعتراض، فتنفلت الأرتال المنفلتة باتجاهنا، ونُؤخذ بجريرة السفهاء منّا. بحثنا، وتوصلنا إلى أن العناصر المنضبطة ليست خرافة، وهذا هو دورها في سوريا الجديدة الحرّة:

١. الظهور بعد انتهاء المجازر:

تجتمع القيادات بعناصرها المنضبطة أمام الكاميرات، وتوصيهم بعدم التعرّض للآخر الغريب الذي لا عاداته عاداتهم ولا تقاليده تقاليدهم ولا دينه دينهم، ليعكسوا صورة مثالية أمام العالم. فتراهم يبتسمون في وجه الناجين المنكوبين، ويؤكّدون لهم أنهم سيتابعون ما حدث باهتمام بالغ، قبل أن يعودوا إلى مواقعهم لصياغة بيانٍ يشدّدون فيه على الوحدة الوطنية، ويوضحون أن العناصر الفردية المنفلتة هم في الحقيقة عناصر فردية منفلتة، وأنهم سيحمون الناس من زملائِهم الذين قتلوا أبناءَهم. 

٢. أداء صلاة الجماعة في منتصف الشارع:

هنا، تتجلى مظلومية العنصر المنضبط في بلدٍ نشأ وعاش على الكفر. وزارة أوقاف النظام البائد قالت إن عدد المساجد ٩٥٠٠، لكنها وزارة كاذبة كافرة؛ لنقل إنها ٥٠٠٠. حين نقسّم مساحة سوريا على هذا العدد، يتبيّن وجود مسجد كل ٣٧ متراً فقط، وهي مسافة لا يمكن للعنصر المنضبط أن يقطعها، إذ تعلّم من غزوة أُحد خطورة أن يغادر الجندي كشكه فيتركه عرضة لهجمات الأعداء. لذا، ينتصب وتداً في موقعه لا يبتعد عنه، لا للدفاع عن مواطنين يتعرضون للتنكيل، ولا حتى لأداء الصلاة في المسجد. 

إضافة إلى ذلك، يراعي العنصر المنضبط إخوانه المؤمنين، ولا يرضى أن يشكّل ازدحاماً إضافيّاً على ازدحامهم في الجوامع وقت الصلاة، ولا يقبل على نفسه أن يعيق المشاة على الأرصفة، فلا يبقى للمسكين سوى منتصف الشارع بين السيارات ليصلّي بحذائه ورشّاشه أمام جبهته كأنه يعبده أستغفر الله.

٣. التشجيع على الرياضة

السوريون جميعهم حفظوا أقوال القائد الخالد حافظ الأسد، ومن أشهرها "إني أرى في الرياضة حياة". لكن الإدارة الجديدة إدارةُ أفعال وريلزات في ملعب الجلاء لا أقوال. والعناصر المنضبطون يقتدون بقيادتهم، فينشرون فيديوهات لهم أثناء ممارسة رياضة الباركور والنط والشقلبة في الحدائق وعلى الأدراج، لتشجيع المواطنين على أن ينطّوا ويتشقلبوا مثلهم، عسى أن تتحسّن لياقتهم، ويرتفع هرمون الإندورفين، فيشعروا بالسعادة والرضا، وتنخفض نسبة الجرائم.

٤. التنسيق مع مديرية الرُّقْية الشرعية: 

في سياق دولةٍ وليدة تسير على خطى سنغافورة، وجد جهاز الأمن السوري الجديد نفسه أمام مسؤوليات ومهام لم يكن يعلم بوجودها، كحفظ أمن الدولة والمواطنين وتطبيق القانون. ومع فشل عناصره المنفلتة في أداء هذه المهام رغم تفانيهم في القمع والقتل والتنكيل، صار واضحاً أن الأمر يتجاوز الواقع إلى الماورائيات. وهو ما دفع عناصره المنضبطة إلى توقيع مذكرة تفاهم مع مديرية الرُّقْية الشرعية.

وبموجب المذكرة، سيستلم كل عنصرٍ منضبط عدّةً تتكوّن من قارورة ماء مَرقيّ، وقنّينة زيت زيتون أو زيت الحَبّة السوداء، وكيس ملح خشن، وحزمة من عيدان البخور الممتاز، وطاسة رعبة، ليتدرّب على استخدامها في دوراتٍ لضرب الجني الموجود في المواطنين المحايدين وغير الموالين، ضمن القوانين الدولية، وإرشاداتٍ لتمييز الصراخ العادي عن صراخ التلبّس، وسبل مكافحة الوسوسة والسحر والحسد والطاقة السلبية، فضلاً عن أساليب نبش وإتلاف حُجُب جلب العدو وضرباته الجوية المكتوبة بدم العضرفوط.

شعورك تجاه المقال؟