ابتعاد شاب عن مركز مدينته لبضع كيلومترات يدخله في رحلة استشراق ذاتي
رشدي عبير المرج - مقدّم أنثروبولوجيات الصباح
٠٦ مايو، ٢٠٢٥

في واحدة من الأحداث التي تحصل مرةً كل عُمر، أقدم الشاب كُ.أُ. على الابتعاد مقدار 20 كم عن مركز مدينته مقترباً من ضواحي المدينة نفسها، فيما بدأ كرحلة اضطرارية لصيانة سيارته وانتهى كمغامرة اكتشافٍ للعالم والذات مكّنته من التعرف على عادات وتقاليد الشعوب الأخرى، التي تعيش في صمت الحقول، واختبار الحياة في كنف الطبيعة بعيداً عن تعقيدات القرن الواحد والعشرين في مدينته.
وبمجرد وصوله الضواحي، لم يستطع كُ.أُ. إخفاء ذهوله ببساطة الحياة وطيبة هذه الشعوب، "أنظر إليهم، لا يريدون من هذه الحياة شيئاً سوى السلام والعيش المتوازن بلا تعقيد أو كراهية،" قال مشيراً إلى أسرة عادت للتو من عملها ومدارس أولادها في المدينة ذاتها قبل أن يستجمع قواه ويُقدم على مخاطبتهم وزيارة منزلهم لاستكشاف طرائق حياتهم عن كثب.
خلال الزيارة، أعرب أبو ياسر، رب الأسرة، عدة مرات عن سعادته بزيارة الشاب "ظننت أنه تائه في البداية فحاولت مساعدته، إلا أنه بدأ يصف حيّنا الذي أنشئ منذ سنوات بالعمارة التقليدية ويلتقط صوراً لكل ما يقع أمامه، فاضطررت إلى إدخاله بعيداً عن أعين الجيران. انظر إليه الآن، يتغزل بالماء ويصفه بالمنعش والعذب، رغم أني اشتريته من مول المدينة نفسها".
في ختام رحلته التي امتدَّت ثلاث ساعات ومع تلقيه اتصالٍ من الميكانيكي، أكد كُ.أُ. أن هذه الرحلة ستغيّر شيئاً في وجدانه إلى الأبد "عندما أعود إلى المدينة لن أكون نفس الإنسان، لن ألهث وراء الماديات وحسب، بل سأبحث في هذه الأراضي العذراء عمّا نفتقده نحن. رغم التطور الهائل الذي وصلنا إليه في المدينة، ثمة نور روحاني هنا لا تشعر به في أي مكان آخر".
يذكر أن مدينة كُ.أُ. – وضواحتها – يتذيلان قوائم التصنيف العالمية المرتبطة بجودة الحياة أو التنظيم العمراني أو النمو الاقتصادي والتنمية البشرية وسرعة الاتصالات وغيرها من المؤشرات التي تحدد لحاقها بهذا القرن، أو سابقه.