تغطية إخبارية، رأي

أنت عربي؟ إذن أنت صنيعة الاستعمار

Loading...
صورة أنت عربي؟ إذن أنت صنيعة الاستعمار

صدام حسين التاجوري

هل فكّرتَ يوماً: لماذا أنا إنسان عربي تعيس؟ ولماذا، من بين كل دولِ العالم، ومن بين كل الجنسيّات والأعراق جئتُ، عربيّاً؟ لربما ظننتَ أنّ هذا قدرك وعليكَ التعايش معه، أو أن عليك البحث عن جنسيةٍ أوروبيّة بيضاء حليوة، تشعرُ معها أنّك أحسنُ من ابن خالتك، الذي لا تفتأ أمك تقارنك به وتقول لك: انظر إلى ولد خالتك عبدو، يحبّ أمته العربية أكثر منك. 

أودّ أن أبشّرك: كلام الوالدة صحيح، وكلامك أيضاً. أنت حالة نموذجيّة لمخلّفاتِ الاستعمار الأوروبي البغيض الذي زرع أمثالك في جسدِ أمتنا، وحتى أوضّح لك ما أقصده سأستعينُ بأقوى نظريات ما بعد الاستعمار … نظريّة المؤامرة.

نحنُ الآن في مدينة نيويورك، عام ١٩١٨. الحرب العالمية الأولى انتهت وانتصر الغرب الإمبريالي على الغربِ الإمبريالي. في أحدِ المختبرات عالم جيناتٍ أمريكي صهيوصليبي اسمه إيليل إيعينخمليل، انتهى للتوّ من تجربة ستغيّر وجه العالم: خلق إنسانٍ عربيّ محدود العقل، ممسوح المخ، مُستَلب. يحبّ الديكتاتوريّة كما يحبّ الكلب العظمة.

اتّصلَ بالرئيس الأمريكي، وبعد السؤال عن الصحّة وحال المدام والحديث عن الطقس، أفصحَ للسيّد الرئيس قائلاً: سيدي الرئيس، لقد خَلَقْتُه. سأل الرئيس: من؟ قال له: سلاحُنا الجديد؛ نموذج الإنسان العربيّ التافه، أسميتُه "سُمْعَة - ٠١٠". أُعجِبَ الرئيس بما سمع، وطلب منه أن يُحضّر عشرة ملايين عيّنة، مع تعديل الوصفة حتى لا ينكشفَ الأمر، وبرمجة سُمْعَة ليؤمن بأنّه أذكى من حركات الاستعمار التقليديّة، وقادرٌ على كشفِ خططهم وألاعيبهم. وحينها، اضطرّ إيليل أن يصنع نظريّة المؤامرة.

عبرَ هذا المخطط الاستعماري مُحْكَم التنفيذ يمكن تفسير كلّ ما يحدثُ لكَ في حياتك. ألم تلاحظ أنّ كيف يترحّم أناسٌ من حولك على صدّام والقذّافي ومبارك وبوتفليقة؟ ما تفسيرُ هذا سوى أننا مجرّد نسخ استعمارية من سُمْعَة؟ اذهب إلى أي معلّم شاورما واطلب منه أن يدلّعها، ستجده يخبرك أنّ سعر الدجاج تأثر بالحرب الأوكرانية الروسية. لاحظ تكرار نموذج الموظّف في المؤسّسات الحكوميّة، الذي يجرجرك في دوّامة من الإجراءات المتغيّرة والمعقّدة حتى تُكمل معاملتك. سافر إلى أيّ بلدٍ عربيّ وانظر مدى تشابه موظّفي المطارات في تعاملهم مع الجنسيّات العربيّة واحتقارهم لك. لماذا انتشرت أم كلثوم كالنار في الهشيم في جسدِ الأمّة؟ نعم عزيزي، أم كلثوم تكشفُ أنّنا كلّنا من نفس الإنسان المَهين الذي تحلو له كلماتها التي تقتلُ المرء حُزناً.

 يا أخي، أمّك نفسها مخطط استعماري وهي تقارنك بابن خالتك الدكتور الفالح. أتريدُ أن تقول لي إنّ تكرار الأمر عند كل الأمهات العربيات، يعني أنّ العرب أبناء خالات لأن أمهاتهم أخوات ولهم الثقافة نفسها التجربة نفسها؟ لا يا حبيبي، هذا ما كان يريد إيليل إيعينخمليل منك أن تصدّقه. وهو أنّك إنسانٌ تعيس، تشبه ملايين العرب التّعساء، وتحيطُ بكم مؤامرة كونيّة تشدّكم إلى الوراء. الحقيقة أبسط من ذلك: أنت المؤامرة الكونيّة.

شعورك تجاه المقال؟