تغطية إخبارية، تقرير

العَبَط الإماراتي السّياسي: أسباب وتداعيات

مايكل أبو العاص - مراسل الحدود لشؤون ما وراء نظارات طحنون

Loading...
صورة العَبَط الإماراتي السّياسي: أسباب وتداعيات

في حين أن الفشل عند البشر يؤدي غالباً إلى إعادة التفكير أو مراجعة السياسات، فإن الإمارات بصفتها دولة الريادة والخروج عن المألوف تعامله كحليف موثوق انطلاقاً من قاعدة الإيمان العميق بأن "العبَط" في السياسة لا بدّ أن يبعثر أوراق الخصوم ويحقق نصراً ما، فمن بشّار الأسد الذي باعهم مشروع الكبتاغون ويسار إبراهيم على شكل اقتصاد وطني قبل أن يصبح بشار لاجئاً قلقاً على حياته ويُبليهم بإبراهيم، إلى حميدتي الذي أقنعهم بأن الميليشيات وقطاع الطرق أفضل شكل للدولة المعاصرة، إلى نديم قطيش الذي أكد لهم أنه سيجعل من سكاي نيوز عربية تتفوق على الحدود كأكثر المشاريع الإعلامية إضحاكاً في المنطقة، جميعها مشاريع إماراتية عبيطة تكلّلت بالنجاح لصالح قطر.

ونحن في الحدود، والتزاماً بواجبنا في سبر أعماق الكوميديا السوداء؛ بدأنا نقلق من أن الإمارات ليست فاشلة حقاً، بل تُمثّل الفشل ببراعة كجزء من خطة سرية أوسع لفهم شيء لا نفقهه نحن، أو لتتصدر الأخبار الساخرة، أو لأنها عبيطة فعلاً. ولكن على كل حال، نجحت في إحداث تداعيات من فشلها ستؤثر على تعريف المنطقة للفشل، ومنها:

إعادة تعريف الفشل: 

في ظلّ التجربة الإماراتية، أصبح من الصعب التفريق بين الفشل والنجاح، لأن كل فشل إماراتي يُسوّق كدرس جيواستراتيجي ريادي عميق؛ ربما للمنافسين، المهم أنه يُدرّس. أثبتت الإمارات في تجاربها الفاشلة في ليبيا وسوريا واليمن والسودان، أن نجاحك الوحيد هو قدرتك على الفشل مراراً دون أن تفقد أهميتك كلاعب فاشل يُحسب له تريليون وأربعمائة مليار حساب.

إحياء المشاريع الميتة:

عادة عندما يفشل مشروع "نقتله"، لكن الإمارات فرضت أسلوباً جديداً عندما دعمت ثورات مضادة، وقررت ألّا تترك المشاريع تموت، بل تعيد ضخ المال فيها لأنها لم تفشل بما يكفي بعد. فأصبحت المشاريع الميتة تُنبش، ثم يُضخ فيها مليارات الدراهم لإقناع العالم أن هذه الجثة تتنفس، لينتج عنها دول تنهار مرتين، ونخب تعود بعد فشلها لتفشل ثانيةً.

"المؤمنون بالعبط" كتيّار سياسي جديد:

حتى في أكثر ملفاتها فشلاً، لا تتراجع الإمارات، بل تضاعف استثماراتها، مدفوعةً بإيمانٍ بأن العبط السياسي هو نوع من "الكارما الجيوستراتيجية" التي ستنقلب فجأة إلى نصرٍ عظيم؛ ومع تكرار نجاحها في الفشل، بدأ يظهر تيار سياسي يؤمن أن العبط ليس خللاً في التفكير، بل تجلٍ لحكمة غامضة. ويروّج هذا التيار لنظرية أن الغباء التراكمي يولّد اختراقاً مفاجئاً في التغيرات السياسية لصالح العبيط في نهاية المطاف. 

شعورك تجاه المقال؟