دراسات الحدود: الشبيحة الجدد بحاجة لفلول النظام كي يعلّموهم كيف يبنون سوريا الجديدة
مالك ميكافيللي - منظّر الحدود في طبائع الاستبداد
٢٠ مارس، ٢٠٢٥

بعد مرور مئة يوم على تحرير سوريا، وجلوس أمير الجمهورية على رقاب ملايين السوريين الأحرار، مسلمين وأهل ذمة ونصيرية ودروز وأكراد، نشأت سرايا دفاع جديدة تحمل شعارات ثورية تشبيحية، مثل "من يحرر يقرر" و"الشرع أو نحرق الزرع"، و"عاش الشرع.. عاش عاش عاش"، مما جعلنا نطمئن أخيراً على تجربة سوريا، التي خشينا أن تتهاوى نحو الديمقراطية، وتصبح قصة النجاح الوحيدة للربيع العربي المرحوم.
وأمام ولادة قيصر جديد، وشبيحة جدد، بات السؤال الأكثر إلحاحاً: هل سيكون الشرع ديكتاتوراً سريع الذوبان، على طريقة أديب الشيشكلي؟ أم سينتهج مدرسة حافظ الأسد ويجلس على صدورنا ثلاثين عاماً، يتبعها ربع قرن إضافي بقيادة خليفته حمودة أحمد الشرع؟ وما الذي ينقص شبيحته لتحويل سوريا الأسد إلى سوريا الشرع؟
مركز الحدود للدراسات السياسية الاستشرافية الميكافيلية (محددسم) تكفل بإجراء تحليل معمّق للظاهرة الجولانية في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وخرج بتوصيات مصيرية نرفعها إلى مقام الأمير أبي محمد، تتلخص في الاستفادة من كل فلفول من فلول النظام السابق ودمجه مع مؤسسات سوريا الجديدة ووزارة دفاعها، كي تضمن تثبيت حكمه وإقامة دائمة مريحة في قصر الشعب. قصرٌ نعلم جميعاً كم يضيق به صدر القائد، لكنه الوحيد الذي تراءت له الشام، فابتلاه الله بحكمها، وابتلانا معه.
إثراء الكريتيفتي
لا يمكن الحكم على الفترة القصيرة للسيد الرئيس الشرع دون المرور بتجربته في إدلب، سواء في فضّ المظاهرات، أو تصفية المعارضين، أو في إدارة سجن صيدنايا الإدلبي "العقاب". لكن سوريا ليست إدلب، وما ظهر حتى الآن من قمعٍ، وترهيبٍ، وضربٍ، وسحلٍ في سوريا الشرع، لا يزال بعيداً عن منافسة إرث الأسد في الإبداع القمعي، فاستبشر السوريون خيراً برؤية حافظ مخلوف وسليمان الشعار يُجرون تسوية، لكن خاطرهم انكسر عندما تفاجأوا بعودتهم إلى منازلهم بدلاً من مناصبهم السابقة، فالدولة بحاجتهم وبحاجة فرع أمن دولة وفرع أمن سياسي وعسكري وجويّة، حينئذٍ سيتعلم الأمن السوري الجديد أن يسأل "من وليّ رقبتك ولاك؟" بدلاً من عويّ ولاك، ومن أميركَ ولاك؟ بدلاً من "من ربك ولاك؟" وسيصبح النزول عند أبي معاوية جوية بدلاً من أبي حيدر جوية.
خبرة لا يُستهان بها في إخفاء المجازر
يحسب لمرتبات وزارة الدفاع السورية فتحها المبين في الساحل وعملياتها المبهرة في ملاحقة فلول النظام؛ لكن ما هذا التسيّب، هل يُعقل أن يعرف العالم والدول الأوروبية ومراصد حقوق الإنسان وصحافة البيرو بهذه السرعة أن عشرات العائلات قُتلت بسبب انتمائها الطائفي؟ هذه ليست الطريقة المُثلى لإخفاء المجازر في سوريا الجديدة، لذا لا بدّ من الاستعانة بأمثال بطل مجزرة التضامن، أمجد يوسف، لتدريب الجيش الجديد على الاحتفاظ بفيديوهات المجازر التذكارية، وإعدام المواطنين في الحفر مباشرةً بدلاً من ترك جثثهم في الشوارع لأيام وتعالوا يا عالم تفرّجوا.
كادر إعلامي لحيّس طيا* بمواصفات عالميّة
الحق يُقال إنّ إعلام الدولة حالياً هو الأكثر نجاحاً وتكاملاً، فبوجود موسى العمر وهادي العبدلله وباقي أسهم الكنانة، لا حاجة لتلفزيون الدنيا وترهاته، لكن إذا تجول شادي حلوة حول أبو عمشة، فقد يُكسِر من الأسئلة ويجبر العقيد جاسم على العصف الذهني والتفلسف، ولا مانع من إجراء مصالحة وجمع الثنائي جميل حسن ومقداد فتّيحة، اللذَين أثبتا امتلاكهما قدرات هائلة في الصراخ الاستراتيجي المعروف أكاديمياً بـ "الجعير الإعلامي"، مع تطوير مهاراتهما عبر بث مباشر من صالة الجيم أثناء تدربهما على الترايسيبس والبايسبس، كرسالة واضحة بأن الإنفلونسر القوي هو الإنفلونسر الذي يستطيع رفع أكثر من مجرد شعارات.