تغطية إخبارية، تقرير

ما مدى معرفة أحمد الشرع ونعيم قاسم بحجمهما الحقيقي؟

آدم مؤزَّر - خبير الحدود لشؤون انتفاخ الأنا

Loading...
صورة ما مدى معرفة أحمد الشرع ونعيم قاسم بحجمهما الحقيقي؟

عبر التاريخ، شعرَ القادة والملوك أنهم كبار، أكبر منك ومني، وجسّدوا هذا الإحساس بتخليد أنفسهم بجداريات وتماثيل تصوّرهم كباراً أمام أعدائهم وعبيدهم ورعاياهم، الحشرات التافهين. ومع الوقت، انطمروا مع تماثيلهم وجدارياتهم ومشى الناس ذوو الأحجام الطبيعية على الطمر، راحوا وجاؤوا، أكلوا وشربوا وألقوا الزبالة وقشور الفستق الحلبي، وتبوّلوا عليه وعلى من تحته.

ثم جاء الإنسان الحديث يبحث عن النفط والرفات والمعادن وكل ما هو تحت الأرض فنبشهم، وأعجب القادة بتماثيل من سبقوهم فقرروا تخليد أنفسهم بتماثيل ولوحات أكبر. ومع اختراع الكاميرا، طلبوا من المصورين تصويرهم من الأسفل ليظهروا كباراً فوق الناس، ونشروا صورهم الضخمة في الشوارع والدكاكين وفي غرف نومنا حتى صرنا نعيش في ألبوم صورهم، لكن الوقت أثبت أنه سيطمرهم ويطمر صورهم وتماثيلهم أيضاً، فشهدناهم يهربون من البلاد التي حكموها، أو يختبئون في مجاريرها، أو يُسحلون في شوارعها، وتُسحل معهم التماثيل الكبيرة، وتُداس عليها، ويتبول الناس عليها، ويضعون الأحذية في أفواهها.

لكن كلما سقط قائد خالد وتنفسنا الصعداء، داهمنا آخر أكثر خلوداً، يريد أن يكبر علينا وعلى حسابنا. مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في السابق، كانت الدول دولاً، والقادة قادة؛ لكن من هم الآن مجرّد صعاليك بنصف فكر، وثلث خطة، وربع سيادة. هل يدرك نعيم قاسم أن انفجار أربعة آلاف بيجر أثقل منه؟ وأن اغتيال الأمين العام السابق -الأثقل منه بمراحل- أثقل منه؟ وأن توغل إسرائيل في الجنوب أثقل منه؟ وأن جنرالاً أميركياً لا يتجاوز طوله الـ ١٧٥ سم أثقل منه؟ وأن صراخه في الخطابات لا يهز سوى سماعات البث؟

وهل يدرك أحمد الشرع أن احتلال الجولان لـ ٥٨ سنة أثقل منه، وأن اعتراف ترامب بأن هذه الهضبة ملك لإسرائيل أثقل منه، وأن فك إسرائيل اتفاقية فك الاشتباك وتوغلها في جبل الشيخ وسيطرتها على مرصَديه أثقل منه، وأن توغلها في القنيطرة، وخان أرنبة، وقطنا، ومدينة البعث، أثقل منه، وأن إنشاءها تسعة مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية أثقل منه؟ وأن قصفها لدرعا، وقصف تركيا لكوباني، أثقل منه؟ هل يدرك صغر حجمه عندما أقرَّ أن كلابه المنفلتة على الساحل لا تحمل أي اعتبارٍ للإعلان الدستوري الذي طَهاه؟ هل يدرك أنه أصبح إرهابياً ببدلة، ومساعدة شقراء، وستايليست خاص؟

هل يدركان أننا نعرف حجمهما الحقيقي؟ وأننا ندرك كم هَوَوا بنا بين الأمم رغم خفّة تلك الأحجام؟ هل يدركان، وهما يضعان السلاح في أيدي أنصارهما، وينصبان فخاخ الموت للمزيد من الضحايا، وينصرفان لإلقاء خطابات النصر وذكر الأسماء والترحّم عليها، أنَّ الناس يذكرون جريدة الأخبار ووكالة سانا للضحك والتندر فيما تمسك تركيا وإيران لحيتهما؟

هل يدركان، بينما وجد الأول نفسه أمام الكاميرات يحاول أن يثبت للعالم أن أبا محمد الجولاني ليس الإرهابي، بل أحمد الشرع السياسي العصري، ووجد الثاني نفسه مضطراً لتوضيح مفهوم الانتصار في ظل تحول الجنوب كومةً من الركام، أنهما لا يدركان حجميهما الحقيقيين؟ لكن العالم يدركه، إسرائيل تدركه. أما نحن، لعنة الله علينا نحن، سنرى، سننتظر، سنرى، لأن الانتظار هو ما يمكننا فعله. لكن أنتَ يا أحمد، وأنتَ يا نعيم، ألا تريان؟! أَضَرَبَكُما العمى؟"

شعورك تجاه المقال؟