أين ذهب أصل بني أمية؟
فتحي العترماني - مدير وحدة البحث عن المفقودين
١٠ مارس، ٢٠٢٥

الكل يقول إنَّ بني أمية أصلهم ذهب. لكن لا أحد يقول إلى أين. هل ذهب في رحلة البحث عن الذات في بوكا وكوبر والقزّاز وكفرسوسة والبيضا وعدرا؟ هل اختفى في سجن العُقاب في إدلب؟ في هذا التحقيق الاستقصائي المستند إلى التأمل والاستقراء التاريخي، نحاول جاهدين البحث عن الإجابة ما لم تلتقطنا رادارات أمير المُخبرين السيد أنس بن الخطّاب رضي الله عنه.
حسناً، ركّز معي، بعيداً عن العاطفة والأندلس وفن العمارة والمنجزات العلمية وماجد الخالدي وارتجاف كسرى من سماع اسمهم رغم زوال مملكته قبل حكمهم بتسعين سنة، فإن أبرز ما يذكره التاريخ عن بني أمية قصصاً عن قصفهم الكعبة بالبراميل عبر المنجنيق، وسُكر الوليد بن يزيد على سطحها (الحلم الذي نخشى أن يراود أميّة هذا العصر إذا نجح بهزيمة قسد) وارتكاب المجازر في وقعة الحَرّة بالمدينة عند ملاحقة فلول الحسين، وحملات تمشيط الكوفة بقيادة اللواء أبو محمد ٦٠٠ (المعروف بالحجاج بن يوسف الثقفي).
أما فيما يتعلَّق ببني أمية المَجاز، الذين أعادوا أمجاد الأوائل، فيُشاع أنَّ معاوية العَصر ولد في المزة فيلات شرقية، والده لم يكن أبي سفيان، بل رجلاً عادياً من الطبقى الوسطى يكافح لتربية ابنه المراهق الذي لم يكتشف أمويّته إلا عندما سافر إلى العراق، فبدأ بالتعاون مع البغدادي ببناء دولته الجديدة ويصنع لها الأصل، ليكشتف أنَّ العباسيين لا عهد لهم، مدركاً أنَّ بنو أمية فكرة، والفكرة لا تموت، إلا أنَّ الصليبيين الأميركان لم يمهلوه كثيراً وقبضوا عليه وهو يعد مفخخةً أصيلةً مثل الذهب. ثم قالوا له ولرهطٍ من جماعته بعد ست سنوات: اذهبوا فأنتم الطلقاء، فعادوا لمتابعة تأصيلهم في أرض الشام.
تدرَّج معاويةُ القرن بين ريف الشام وحمص وحماة وريف اللاذقية وإدلب، فنَتف شعرة من لحيته وأسماها شعرة معاوية؛ دغدغ بها الظواهري والبغدادي وأبو ماريا القحطاني والنصرة وفتح الشام وتحرير الشام، مؤصلاً نفسه في إدلب. لكن يُقال أنَّ أصل بني أمية ذهَب ونفدَ مخزونه في عمليات التطمين التي قدّموها أثناء معركة ردع العدوان، فوصلوا دمشق بلا أصلٍ سوى قصور آل الأسد وأموالهم وبراميلهم المتبقية.
وهناك رواياتٌ أخرى تقول إن جزء منه منها إلى السعودية، وآخر إلى تركيا وبعضه إلى قطر، وتحوَّل إلى أصولٍ متنوعة تستثمر بها كل دولة بقدر حجم النفوذ الذي تودُّ اكتسابه على أرض الشام، بينما ترجّح أخرى أنه ذهب على ظهر إحدى شاحنات التعفيش الخارجة من بانياس مؤخراً.
من هنا نستنتج أنَّ بنو أمية على الأرجح دون أصل، فلا حاجة للاستعجال بأغاني من قبيل "هذا جيش الوطن هذا منا وفينا"، خشية أن يحصل ما لا تحمد عقباه، ويفرّوا بالموجود من أصولهم اليوم إلى بنوك خارجية وملاذات ضريبية في بحر مملكة قشتالة.