الخروف المحشي، الخروج مع الأصدقاء، وأشياء أخرى يستغرق تحضيرها وقتاً أطول من المؤتمر الوطني السوري

نعيش اليوم في عصر ما بعد السرعة، حيث بات العالم زقاقاً ضيقاً لا قريةًَ صغيرة، يحدث فيها كل شيء بضيق وعجالة. وفي الوقت الذي تتحجج فيه سماهر بتأخرها عن الرد على رسائلك يومين لانشغالها، كانت اللجان التحضيرية في سوريا تجوب عشرات المدن تناقش وتحاجج، تَسمع وتُسمِع وتطرد الناس من الجلسات. وفي عُشر الوقت الذي تأفَّف منه الزملاء رمّاز وعلياء ورحمة وآدم لأنه غير كافٍ للتحضير لمؤتمر «جَحُصَعْ» للصحافة العربية، تمكنت القيادة السورية الجديدة الحكيمة من تحضير مؤتمر حوار وطني جامع شامل باهر غير ملزم نبيّض به وجوهنا أمام الغربيين. 

هذا الإنجاز السريع سيعيد تعريف الوقت والمسافة، فبعد اليوم، لا يمكنك التذرّع بالتأخير في علاقاتك ونشاطاتك الاجتماعية، إذ لم يعد التسويف والتأخير مبرراً، ولم تعد ذريعة عدم اكتمال النصاب مقبولة، لكن في ذات الوقت حكّم العقل والمنطق في توقعاتك، فاستواء الطبخة السياسية السورية في ساعات لا يعني توقع المثل من طبخة خروف محشي. وتذكر أنك لا تملك وسائل التواصل والإقناع التي أكَّدت حضور ٦٠٠ شخص مؤتمر الحوار الوطني خلال يومين، لتقنع بها أصدقائك بالخروج غداً.

استصدار الفيزا

رغم التحرر ودَوس بيت الأسد في مقهى الروضة، تبقى سوريا دولة البيروقراطية والملفات واجلب طابعين حربيين واذهب إلى المبنى الثاني، الطابق الرابع، مكتب الآنسة سماهر، فالحصول على فيزا، بخلاف الحصول على مباركة المتحاورين الحاضرين، يحتاج حجز دور للحصول على جواز سفر أولاً، ثم حجز دور للحصول على موعد في السفارة فحجز دور لقطع تذكرة طائرة، وعدد من حجوزات الأدوار التي تُجهض العملية برمتها بتفويت أي منها، فيما يمكن للحوار الوطني أن يُعقد ويستمر ويخرج عنه بيان ختامي وإن فوَّته السوريون جميعاً.

اختيار فيلم السهرة

هوّن على نفسك إذا انقضت السهرة قبل اختيار الفيلم الذي تنوي مشاهدته مع أصدقائك، فاللجنة المعنية بالتحضير للمؤتمر لم يكن لديها سوى جنسين وثلاثة إثنيات وبضعة طوائف لتختار المشاركين منها، بينما لديك عشرات التصنيفات بين تشويق ودراما وميلودراما وأكشن وخيال علمي وفانتازيا، ينبثق عن كل منها عشرات التصنيفات والتفضيلات الأخرى التي لا يمكن الاخيتار منها بسهولة مقارنة بمستقبل البلاد.

زفاف الزميلة رحمة

على عكس المؤتمر الوطني الذي شهد إجماعاً إقليمياً ودولياً، احتاجت تحضيرات زفاف الزميلة رحمة إلى وساطة دولية لتجاوز العراقيل المترتبة على عقد قرانٍ بين فردٍ من المغضوب عليهم الفلسطينيين وآخر من الضالين السوريين. فبين انتظار تصريح الزواج الذي وافقت عليه ثلاث دول٬ وتحديد موعد يناسب الجميع، واستصدار تأشيرات للمدعوين العالقين في المنافي، والموافقات الأمنية للمدعوين العالقين في الدول العربية٬ وانتظار انتهاء الحرب في غزة ولبنان وسقوط النظام السوري إلى انقضاء اكتئاب الشتاء، سيقام الحفل أخيراً، متأخراً عن موعده الأولي بعشرة أشهر.