لايف ستايل، خبر

استيقظتُ فجراً ومعي ساعتان إضافيتان للندم

- - -

Loading...
صورة استيقظتُ فجراً ومعي ساعتان إضافيتان للندم

إميل سيوران يكتب للحدود

ما الذي دفعني للاستيقاظ في هذا الفراغ؟ أي عقل منحرف جعلني أخرج من نعيم اللاوعي إلى جحيم المعرفة والبرد؟ لماذا قررتُ أن أكون ريادياً في هذا اليوم، وكأن الوعي بهذا العبث، منذ الخامسة فجراً، سيمنحني تفوّقاً على النائمين. الحقيقة أنني استيقظت لأواجه حقيقة أكثر مرارة: ساعتان إضافيتان من الندم على تصرّف أرعن كهذا، لا يليق بكاتب مات وشبع موتاً مثلي.

ياااااه لو بقيت في السرير مؤجلاً هذه اللحظة قليلاً! لكن لا، أنا هنا الآن، أرفس النعمة وأفتح النافذة بحثاً عن سبب مقنع لوجودي في هذا الوقت، لأن "ريلاً" لجلال أبو مويس أعمى بصري وبصيرتي بالأمس. الشوارع فارغة كمحفظة كاتب فري لانسر لم يأخذ أجره على المقالات التي كتبها لشبكة الحدود، وفضحَته أمام الجمهور بأنها أعطته مئة دولار سلفاً. 

أحاول إقناع نفسي بأن هاتين الساعتين يمكن استغلالهما في شيء مفيد، لكن ماذا سأفعل؟ أمارس التأمل؟ تأملتُ ما يكفي لإدراك أنني لم أحقق شيئاً سوى زيادة وضوح مأساتي. أشعل المصباح وكأن الضوء سيمنحني يقيناً ما، لكنه يكشف لي حجم الفوضى التي اخترتها لنفسي، أين ربّ البنطال؟ متى انتهت أوقية القهوة؟ كيف تعطّل السخان لأغسل وجهي بالماء البارد؟

أفتح الهاتف، فأجد أن العالم بأسره لا يزال نائماً. لا إشعارات، لا أخبار، لا أحد قرر أن يشارك في هذه المهزلة معي. هؤلاء الذين قيل لي إنهم يستيقظون باكراً ليغيروا العالم، أين هم الآن؟ جلال أبو مويس، أين حضرتك؟ تركوا لي شرف المعاناة وحدي، الأوغاد! لو استفادوا من هذا الاستيقاظ لكتبوا عنه الآن وليس في المساء.

النوم لم يعد خياراً، ليس بعد أن فتحت باب الوعي على مصراعيه، وتسرّب منه بؤس المرحلة. كان بإمكاني أن أبقى هناك، في ذلك الدفء، في ذلك العدم المريح، لكنني اخترت - أو ربما لم أختر - أن أجابه الجحيم وحيداً لأسابق الحياة، فأكتشف أنها لم تكن تنوي اللحاق بي أصلاً. المشكلة ليست في أنني استيقظت مبكراً، بل في أنني استيقظت.

شعورك تجاه المقال؟