في مديح حماس ينصر دينها «١»
فتحي العترماني - كاتب ينبض قلمه دماً أخضر
١٢ فبراير، ٢٠٢٥

هي حزب، هي تنظيم، هي بيت الناشط والمجاهد، هي حركةٌ ليست كالحركات. صلبة المواقف، ديناميكية الأهداف، لا تتوانى عن طيّها وتغييرها وفق المقتضيات. حماس ليست مدرسةً في السياسة والمقاومة العسكرية، ولا كلية ولا أكاديمية ولا مركز أبحاث، بل مجمّع علمي متكامل. تعطي الدروس ولا تأخذها، ما من أحدٍ يرقى لتعليمها، لا من التاريخ القديم ولا الحديث ولا الجغرافيا، لا تقبل التعلم إلا من نفسها، وكونها في حالة تطور مستمر يجعل نفسها السابقة أصغر من أن يُتعلَّم من دروسها. معيارها واضح، أما زال بإمكاننا الوقوف؟ نعم، بالوقوف وحده تبنى الأوطان، وأكبر أزمة سياسية تحل باستعراض عسكري ودرون تصوير.
هي الصمود هي اللثام، هي النصر هي اليوم التالي. منحتنا الفخر بملثَّمٍ واحد حتى ظننا النور سيخرج من رأس سبّابته، فرضت هيبتها على العدوّ من بين الأزقّة بمقاتلين حفاة أو مُرتدين الشباشب وبناطيل الأديباس بأحسن حال، منحتنا فخراً لاحقاً فوق الفخر بمئات الملثمين بملابسهم العسكرية وأسلحتهم وسياراتهم الدفع الرباعي يجوبون شوارع غزة الصامدة رغم الإبادة ورغم ترامب وفوق ركام ٨٠٪ من منازل أهلها.
هي ميزان القوى والتكتكيك ومقياس المكاسب والمخاسر، طز بعدوٍ غاشم عديم الإنسانية مستعد لإبادة مليوني فلسطيني مقابل صاروخ، طز بالإف-٣٥، طز بقذائف الـ ٢٠٠٠ رطل وطزُّ بأنظمة لافندر وهابسورا للاستهداف الموجَّه، فكم من فئة قليلة هزمت فئة كثيرة؟ لا تهم الإجابة أيضاً، فشهدائنا في الجنة وقتلاهم في النار، وخسائرنا تكتيكية وخسائرهم تاريخية، وبينما كان العدو منهمكاً في إحصاء خسائر اقتصاده الذي تلقى الصفعة تلو الأخرى مع اطالتنا أمد الحرب، نزعت حماس عنه فرصة تحقيق مكسبٍ مماثل بتنحية الاقتصاد برمّته جانباً حتى قبل بدء الحرب.
هي سهمٌ كالزمن ينطلق باتجاهٍ واحد نحو الأمام دون التفاتٍ أو توقف أو مراجعة، لا خيار لديها سوى الوصول إلى صدر الهدف مهما بعُد وغاص في مربعاتٍ سكنية ومخيمات. لا تقيس النصر بما تحقق، بل بما يمكن تحقيقه، وما يمكن تحقيقه واللهِ عظيم بهمّة المسحال وبن قنة والدويري وجمال ريان وكاميرات الـ 8K وعازفي الموسيقى الحربية القادرين على التلاعب بأعتى الخصوم ودفعهم للتخبط والتراجع عن قرارات وقف الحرب لو اتخذوها.
هي العقيدة هي الوطن؛ الوطن الصلب الذي لا يُبنى بالخرسانة التي تسقط عند أول قنبلة، والاقتصاد الذي ينهار مع أول خبر، والتعليم الذي يتوقف عند قطع أول راتب، بل الوطن الراسخ الضارب في شعارات الأحقية الأزلية وأصحاب الأرض، الوطن الذي لن يتوقف عن إنجاب آخر طفلٍ سيفنى فينا.