ما هي المدة الزمنية التي تحتاجها أربع سنوات لانقضاء الفترة الانتقالية في سوريا؟

الجميع يسأل أين الفترة الانتقالية، لكن لا أحد يسأل كيف الفترة الانتقالية. الجميع يريدها على هواه. دعها تبدأ، دعها تنتهي، مددها، قلّصها، انقلها لوقتٍ لاحق، أربع سنوات كثيرة، أربع سنوات قليلة، لكن ما هي الأربع سنوات حقاً؟ وكيف يمكن قياس الأربع سنوات الانتقالية السورية زمنياً؟ هل هي الأشهر الثلاث التي أُعلن عنها مع سقوط النظام؟ أم ١٨ شهر توني بلير في دافوس؟ أم أربع سنوات مقابلة الإيكونوميست؟ أم خمسة سنوات مقابلة تلفزيون سوريا؟ أم أبدية الهاتفين للجولاني غصباً عن الأسد تكتنفها أبدية المراحل الانتقالية في المنطقة؟.

يمكن تقدير مدة الأربع سنوات الانتقالية السورية بدايةً بمحاولة فهم طبيعتها، ما إذا كانت حالة طارئة كالتي امتدت في سوريا لثلاثة عقود أم منعطفاً تاريخياً كالذي بدأ عام ١٩٦٧ أم معياراً جديداً يستند إلى حقيقة أنَّ هذا النصر المُبين الذي فتَحَ دمشق الأموية كان يوماً من أيام الله التي يبلغ الواحد منها ألف سنةٍ مما تعدّون وفق سورة الحج أو خمسين ألف سنة بحسب سورة المعارج.

كما يعتمد قياس السنوات الأربع على الوسط الممتدة فيه، وطول السنوات التي شغلته قبلها، فالأربع سنوات وفق المعيار السوري تبقى مدة مقبولة مالم تتجاوز الـ ٣٥ عاماً، فعندما سبقتها ست سنوات احتاجها حافظ الأسد لتصحيح المسار امتدت لستين سنة، وعندما حلّت السنوات البشّارية السبع صارت أربع وعشرين.

ويعزو أستاذ العلوم الفيزيوسياسية في جامعة إدلب د. أحمد أينشتاين ذلك التفاوت إلى دور نظرية النسبية السياسية في زمن الحكم، إذ يمر الزمن ببطء أكبر عندما يكون المراقب في حالة تسارع، والمراقب في هذه الحالة هو الشعب السوري شديد التسرِّع لرؤية انطلاق الحياة السياسية في البلاد رغم انتظاره لها أكثر من ستة عقود، وبما أن ليلة الثامن من ديسمبر ٢٠٢٤ شكَّلت نهاية حقبة للحدث السوري المشتعل منذ ١٤ عاماً، أطلق المجتمع العلمي على لحظة تحرير سوريا مصطلح "أفُق الحدث"، وهي النقطة التي كلما اقترب القائد السياسي منها، ابتعدت، وتباطأ الزمن حتى يتوقف تماماً في ظاهرة تُعرف أكاديمياً بـ "دُنوّ الأبد".

ختاماً، لا بُدَّ لانقضاء المرحلة الانتقالية السورية تحقيق شرط الانتقال من النقطة أ، حيث لدى القائد شقيقٌ اسمه ماهر هو ذراع القائد اليمين، وشقيق آخر اسمه حازم يكون ذراعه اليسار إبراهيم، وكشكٌ تحمل اسمه، ولوناه الشبل الجديدة، وصورةٌ مرفوعة في قنصلية دبي، ودستورٌ يعتبره وزير عدله في دفتر مذكراته الشخصية، إلى النقطة ب، التي قد يتفرع عن تفاصيلها المجهولة سيناريوهات متعددة قد يؤدي أحدها إلى النقطة ج التي تتطلب مرحلة انتقالية خاصة تحتاج أربع سنوات إضافية.