الحدود في مقابلة حصرية مع الغزّاوي الوحيد الذي وجد منزله قائماً
الحدود - مراسلون
٢٢ يناير، ٢٠٢٥
فيما يحثُّ أهل غزة الخطى للعودة إلى منازلهم، ثم يحثُّونها مجدداً ومجدداً قبل أن يكتشفوا أنها استهدفت في الإبادة الجماعية، ينتصب مائِلاً أمام أعينهم في خان يونس المنزل الوحيد الذي بقي قائماً. أهو معجزة؟ لعلَّ صاحبه وليٌّ صالح تحميه الملائكة؟ أم أنَّ الإسرائيليين تركوا مفاجأةً تنفجر بسكانه لدى عودتهم؟
مراسلنا من تحت الأنقاض، آدم مؤزَّر، جابَ كثيراً وهو يسأل عن صاحب المنزل ليعرف الإجابة، حتى لمحه يتنقل بحذرٍ في دير البلح. اقترب منه فشَرَعَ الرجل يمشي مبتعداً، ثم انطلقَ يركض بسرعة، حينها، أدرك المراسل أنه يهرب من طلقات القناص، فركض خلفه حتى أعياهما التعب، وعندها، كان لنا معه هذا اللقاء ...
الحدود: صِف لنا مدى فرحك بنجاة المنزل
الغزّاوي الوحيد: الله لا يوفقهم بجاه النَّبي. الكلاب. دمّروا كل شيء وتركوا منزلي قائماً. تصوَّر أنهم لم يخلعوا الباب! أين أروح بوجهي من الناس؟ ماذا سيقولون عني؟ إنني عديم القيمة ولا أساوي جهد تشريدي؟ عميل؟ ساحرٌ مشعوذ؟ لن أسمح بذلك، إنهم يريدون شقَّ الصف وبث الفتن. خسؤوا. وأنا من على هذه البلكونة أقول: يا أهل غزَّة، بيتي مفتوح لكم من نصف الواجهة الأمامية والواجهة الخلفية كلها ومن اليمين واليسار أيضاً.
الحدود: ماذا عن ردود الفعل من حولك؟
الغزّاوي الوحيد: عرفت من بعض الإخوة المقاتلين أن الحكومة تفكر في جعله نصباً تذكارياً كرمز للصمود، هناك جماعة من منظمة اسمها سيف ذا بيلدينجز طلبوا إذني لتصوير أغنية في المنزل لشرح معاناة المباني، واليونسكو ترغب في إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بالانقراض.
الحدود: ماذا ستفعل بالكارافان الذي سجلت للحصول عليه من قطر؟
الغزّاوي الوحيد: سأضعه في المنزل وأسكنه مع زوجتي والأولاد، وحين يفرجها ربّك بعد سنة أو سنتين أو ثلاث، أصلح المنزل وأمد خطوط الكهرباء والماء والصرف الصحي وأُدعّم العمود الذي منع سقوطه، وأعيد بناء الواجهات والجدران الداخلية والسقف. بعد ذلك سأضع الكارافان على سطح العمارة لنركبه في الطوفانات المقبلة.
الحدود: لمن تهدي هذا الانتصار؟
الغزّاوي الوحيد: أهديه لعديلي المتعهد أبو أسامة الذي أخذ مني ثمن البناء ضعف ما اتفقنا عليه ليدعّم العمود.
الحدود: شكراً لوقتك معنا، نتمنى لك ولعائلتك كل التوفيق، هل هناك مطعم قريب من هنا؟
الغزّاوي الوحيد: اتجه مباشرة من هنا نحو تلك التلّة المليئة بالأنقاض، ومن عندها تنعطف يميناً باتجاه أول كوم الركام، امش قليلاً للأمام، ستجد أعمدة الكهرباء المائلة والمكسّرة، ابقها على يمينك وسر حتى تجد باباً حديدياً ملقىً على الأرض وبجانبه بسطة سارة. أعرف أنها صغيرة، ولكنها أفضل بائعة وأمها تعد أطيب كعك. صحّة وهنا.