تغطية إخبارية، فتوى

فتاوى الحدود: هل يجوز صنع تمثال للجولاني من التمر؟

- - -

Loading...
صورة فتاوى الحدود: هل يجوز صنع تمثال للجولاني من التمر؟

فضيلة مولانا الشيخ مدرار أفاضل - مفتي الحدود لشؤون التحريم والتحريم

القراء الأكارم، تلقّينا رسالة مؤثرة كتبها المواطن السوري الحر السّيّد فوّاز كجمقجي، يشاركنا فيها فرحه بانتصار الثورة وسقوط الأسد واستلام جبهة النصرة -هيئة تحرير الشام لاحقاً- وعلى رأسها سيادة السيد ولي الأمر الثائر القائد المجاهد أبو محمد الجولاني -أحمد الشرع لاحقاً- دفّة القيادة، ويسألنا عن حكم صنع تمثال له من التمر أو العجوة.

الفتوى

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

قد كان للتمر منزلة رفيعة عند أهل الجزيرة العربية أيام الجاهلية، وكانوا يصنعون منه الخمر والأوثان يعبدونها من دون الله. وحين حل الإسلام في الجزيرة العربية وأهلها، كرّم التمر وحفظ مكانته وطهّره من رجس الممارسات الوثنية. قال تعالى (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) وقال صلى الله عليه وسلم (مَنْ تَصبَّح بسبْعِ تَمَراتٍ، عَجْوةٍ، لم يضرَّه ذلك اليومَ سُمٌّ ولا سِحْرٌ) فاعلم يا أخينا فوّاز أن التمر رزقٌ منَّ الله به علينا وجعله فيتاميناً وبروتيناً وحلوىً وترياقاً ودايةً تيسّر الولادة وتقلِّل النَّزيف وشيخاً صاحب كرامات يفك السحر ويجلب الحبيب.

لكن ديننا الحنيف نهانا عن عبادة التماثيل. وسدَّ الذرائع التي يمكن أن تعيد الناس لعبادتها، وذلك بتحريمه صنعها سواء أكانت من الرخام أو التمر أو قمر الدين.

وفي سوريا، كان الناس في عهد الاستبداد مجبرين على نحت التماثيل وصبّها ونصبها في الشوارع والساحات والنظر إليها والعيش معها، إلى أن بعث أرسلَ الله عباداً له مجاهدين بررة صالحين أولي بأس شديد، فجاسوا خلال حُماة الديار وفتحوا الديار، وعاد أهلها أحراراً يترقبون أن يحرم عليهم صنعها.

مع ذلك، فالضرورات تبيح المحظورات، وأهل سوريا يعيشون اليوم حلماً تاريخياً طال انتظاره، فلا تثريب عليهم بقليل من الفرح، والتمر حلالٌ لذيذ؛ وبالقياس إلى أننا نسمح بألعاب الجنود البلاستيكية ودمى سوبرمان والفانكو بوب والجمي بيرز للأطفال الأبرياء، يمكننا إجازة صنع تمثال من التمر، على أن تتحقق من نيتك، فإن كانت تمجيداً لقائد النظام الجديد وتخليداً لمآثره في توجيه البوصلة الثورية، فهو حرام لأنك سقطت في فخ التقديس. ويمكنك الاكتفاء بالثناء عليه والتصفيق له دون مبالغة، لئلا تصنع صنماً مجازياً من الآمال والكلمات.

أما إن كان غرضك التمتع بشكله قليلا ثم التمتع بمذاقه أو التهامه في نوبة جوع أو إطعامه لابنكَ بديلاً للكاندي المضرّ، فقد خرجت من باب الحرام، إذ لم يرد ما يحرم أكل التماثيل والأصنام، والتمر يمكن أكله في هيئة مربع أو دائرة أو جولاني. ولكن من المستحسن أن تراعي النقاط التالية:

- استخدام عدد فردي من التمرات في صنعه.

-  صنعه بحجم صغير أو عادي، فلا تستهلك كثيراً من التمر وتكون سبباً لرفع سعره في السوق.

- صنعه بفن وحرفية، لأن الله يحب إذا عمل أحدنا عملاً أن يتقنه، فلا يكون شكل تمثالك كالتماثيل البلهاء التي ظهرت في فيلم الرسالة.

- أكله علناً أمام الجموع، لتوضح أنه ليس إلا وجبة تمر بجهازك الهضمي، ولن يبقى على حاله مدى الحياة. ومن المستحب مشاركته مع الجموع لتحل البركة.

- أكله بسرعة قبل أن يفسد.

والله أعلم

شعورك تجاه المقال؟