مقابلة حصرية مع الخبير الجيوسياسي الذي كان على علم بالمستجدّات في سوريا لكنه فضل الصمت حتى الآن
فتحي العترماني - مراسل الحدود لشؤون الغموض الاستراتيجي
٠٣ ديسمبر، ٢٠٢٤

تكثر التحليلات والاجتهادات الشخصية بشأن الأحداث المتسارعة في سوريا منذ أيام، في ظل انشغال مؤيدي النظام بفَتشَبة صورة الجولاني مقتولاً، بينما ينغمس نشطاء المعارضة في استخدام تطبيق "أوداسيتي" لتركيب صوت الاشتباكات العنيفة المكثّفة حول الناس المتمَشورة قرب فندق الفورسيزونز في دمشق؛ الأمر الذي يسمح لكثير من المعلومات المضللة بالتفشّي. ولكن، وضمن جهودي لمكافحة الظاهرة ودورها في تقديم صورة واقعية للأحداث، نجحت بتنفيذ هجوم سيبراني واختراق إنترنت الخبير الجيوستراتيجي الأستاذ غسان الرائي، وانتزعت بضع دقائق من وقته الثمين المزدحم بالتسريبات والوقوف على حقيقة الأحداث:
أستاذ غسان، كيف قرأتم خبر اختراق فصائل المعارضة السورية خطوط التماس والانهيار السريع لمدينة حلب يوم ٢٩ نوفمبر؟
للحقيقة لم نقرأه، بل سمعناه عبر الهاتف من أحد القيادات الفاعلة، قبل التاريخ الذي ذكرته بفترة طويلة. لا يمكنني ذكر تاريخ محدد الآن لأن أحداثاً وقعت في ذلك اليوم قد تفسر سبب انطلاق المعركة في هذا التوقيت تحديداً، لكن الأيام ستثبت ما أشرنا إليه.
الكثير من السوريين ما زالوا غير قادرين على استيعاب ما حدث خلال الأيام الماضية، من موقعكم كمحلّلين جيوستراتيجيين، كيف يمكنكم وصف ما جرى؟
يمكنني وصفه بسهولة بالغة.
من وجهة نظر غسان الرائي، إلى أين يتجه مسار الأحداث في ظل التسارع الكبير لها؟
أشكرك على هذا السؤال المهم. في الواقع وردتنا قبل هذه المقابلة بدقائق أخبار من دمشق تفيد بأشياء كبرى تحدث على صعيد القيادة العليا، لكن أخشى أن تسريب هذا النوع من المعلومات إلى وسائل الإعلام قد يضر بسير المعركة والخطط التي أطلعتنا عليها قيادة العمليات العسكرية من كلا الطرفين قبل البدء، لكني أطمئن الجمهور أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من الإجابات، خصوصاً أنها تختلف عن الأيام السابقة.
لماذا فضلتم الصمت طيلة الفترة الماضية رغم علمكم بالتحضيرات؟
لمعرفتي أن هذا السؤال آتٍ لا محالة، وأنني سأجيب هذا الجواب. وبالمناسبة، أشرنا إلى إمكانية قدوم هذا السؤال بشكلٍ غير مباشر في تغريدة خريف عام ٢٠٢٣، لكن بطبيعتي أفضّل ترك الأحداث لتأخذ مجراها الطبيعي لكي لا تنجرف الشريحة المتربصة من الجمهور للقول إني أؤثر على مراكز صناعة القرار، والتزاماً بدوري كمحلل يحلل ثم يذكّر الجمهور بأنه نبههم للأمر قبل عام.
ما هي مصادركم لكل هذه التفاصيل؟
إننا نسمع ونرى، لكن البعض يظن أن امتلاك آذان في مراكز صنع القرار وعيون على أدواتها كافٍ للتحليل الجيوستراتيجي. لا يا عزيزي، الأمر يتطلَّب استقراء وربط ما يبدو اعتيادياً للمراقب العادي. دعني أخبركم قصة قصيرة تتعلق بشكلٍ مباشر بالأحداث الجارية؛ في صيف عام ٢٠٢٢ شاهدت إحدى حمائم الجامع الأموي في حلب تنطلق بزاوية ٤٥ درجة وتحلق على علوّ منخفض باتجاه القلعة، حينها أدركت أن شيئاً ما سيحدث، وأن القادم أعظم ويحمل في طياته الكثير من التغييرات، لأن هذه الحمامة ليست مثل بقية الحمامات، وللحديث بقية...
نشكرك أستاذ غسان، سعدنا بلقائك.
بالطبع، كنت على علم بذلك.