تغطية إخبارية، دليل الحدود

دليل الحدود لتحديد ما إذا كان الحيوان الذي يخالفك الرأي عميل أم مجرد جاهل إمَّعة

فتحي العترماني - خبير الحدود في شؤون سيكولوجيا الآخرين

Loading...
صورة دليل الحدود لتحديد ما إذا كان الحيوان الذي يخالفك الرأي عميل أم مجرد جاهل إمَّعة

يقول الفيلسوف الصيني الذي علّمنا منذ ٣٠٠٠ آلاف عام أهمية التوجه شرقاً، سُن تزو طيب الله ثراه، يقول في كتابه فن الحرب "إن كنت تعرف نفسك وتجهل عدوَّك، ستتكبَّد هزيمةً مقابل كل نصر" لكن حاشاك عزيزي القارئ أن تكون قد تعرّضت للهزيمة بتعريفها الذي يتجاوز النكسة والأزمة والتدخلات الخارجية والغيوم السوداء ولكل جواد كبوة وضرورة تقديم التنازلات وتقديمها مجدداً ومجدداً وغيرها من المحطات التي تنهض بعدها مشرئِبّاً كالفينيق. 

مع ذلك، ومن باب العلم بالشيء، يؤسفنا إخبارك أن عدوَّك، ذاك الآخر ابن الآخر، ليس آخراً واحداً. هناك آخرون غيره، وهم يأتون بمختلف الأشكال والأحجام، وإن كانوا جميعاً على خطأ؛ لذا، نقدم هذه المعايير التي تساعد على  تمييز ما إذا كان الآخر، الذي يقف على الجانب المقابل للجانب الأوحد الصحيح من التاريخ حيث تقف أنت، يقف هكذا لأنه عميل ويجب تعبئته في الصندوق الخلفي لسيارة التطهير قبل التحرير، أم لأنه مجرد جاهل عديم الرأي ويمكن علاجه بتعبئة وطنية من إحدى المحطات التاريخية التي يحفل بها طريق الحق الذي تسلكه.

انظر في وضعه الطبقي وأين يروّج لخطابه

اضبط نفسك وعدّ للعشرة قبل أن تدمغ مُخالفك الرأي بالعمالة، فهو وإن كان حيواناً، يجب عليك معرفة أين يعبّر عن ذاك الرأي المُخزي. إن كان في صحيفة أو مقابلة تلفزيونية أو مقال على موقع إلكتروني اعتبره عميلاً مأجوراً أُحِلَّ دمه؛ إذ من المعروف أن الآراء السياسية تحتاج إلى إلهامٍ من بنجامين فرانكلين ذي اللون الأخضر لكي تتشكَّل، وهذا ما أكّدته لسنوات مُختلف المصادر من محطات وصحف ومراكز أبحاث حكومية و"مستقلة" لا تنجرّ بصفتك مثقفاً تنويرياً مستقلاً "بدون علامتي تنصيص" وراء سردياتها.

التمس لأخيك عذراً، مع أنه حيوان

أما إن كان يُجاهر بذاك الرأي في الجلسات العادية أو التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى حيواناً بالطبع، لكنه أليف يمكن تقويم سلوكه وتربيته اعذره، لقد انجرَّ وراء سردية العدو وراح يكررها دون تفكير، لأنه لم يحظ مثلك بفرصة اكتشاف الوجه الأوحد للحقيقة، ويمكنك إطلاعه عليه بتأنٍّ بعد انهزام المحتلين وانتزاع المستعمرين واندحار الطغاة وتصفية العملاء وانتصار الثائرين بفضل تمسكك بروايتك.

تأكد من آدميته

أؤكد مرةً أخرى أن هذا الحيوان حيوان لكنه يتمظهر عادةً بهيئة إنسان، إلا أن تقدم التكنولوجيا وأجهزة البروباغندا يدعوك أن تبقي احتمال أن تكون حيونته نابعة من كونه ذبابة إلكترونية أو روبوتاً مبرمجاً على قول تلك الأشياء المشينة، وهذا بعد أن وضحت لك جليّاً أن التجربة البشرية انعكاسٌ دقيق لعالم مارفل السينمائي، وعلى المرء فيها اختيار أن يكون أڤينجراً أو جندياً لدى أولترون تسعى لتدمير العالم.

شعورك تجاه المقال؟