قراءة في فوز محور المقاومة في الانتخابات الفرنسية والبريطانية
جعفر حصلبان - كاتب ومثقف ممانع ومفكّر مشتبك بالانترنت
٠٩ يوليو، ٢٠٢٤

بعد النجاح التاريخي الذي حققه الرفاق في بريطانيا وفرنسا بواسطة حزب العمال والجبهة الشعبية التي عادت بريمونتادا من الخسارة وحققت أعلى عدد مقاعد في البرلمان، يزداد ضغط محور المقاومة على رقبة العدو الإسرائيلي الجبان في ظل توسّع رقعة هزائمه من ميدان المعركة إلى دهاليز السياسة؛ وسنستعرض في هذا المقال كيف حُشرَ الإسرائيليون في الزاوية وكيف سيسحلهم التوازن العالمي الجديد منها إلى مزبلة التاريخ.
غالاوي بارادوكس
أو معضلة غالاوي، وهو فخ سياسي نصبه محور المقاومة للإمبريالية في المملكة المتحدة، وتمثّل بتوفير قناة الميادين ساعات من البث للبرلماني جورج غالاوي لفضح السياسة البريطانية والغربية وارتهان القادة الإنجليز لإسرائيل، بالتزامن مع تقديم نفسه حليفاً لإيران معادياً للسامية من وجهة نظرهم؛ الأمر الذي دفع الناخب البريطاني لاختيار حزب العمال كخيار ثالث؛ وهو ما أراده المحور نظراً لتاريخ حزب العمال المناهض لإسرائيل وأطماع الغرب؛ فباستثناء كليمنت آتلي (١٩٤٥-١٩٥١) الذي تسبب بالنكبة نتيجة سحب القوات البريطانية من فلسطين وترك الإسرائيليين يسرحون ويمرحون فيها ووقف على الحياد متفرجاً، وهارولد ويلسون (١٩٦٤-١٩٧٦) الذي كان من أشد المؤيدين لإسرائيل خلال حرب حزيران (النكسة)، وتوني بلير (١٩٩٧-٢٠٠٧) الذي عرف بتشدده في دعم إسرائيل وانقاد خلف أميركا في حرب البلقان وغزو أفغانستان والعراق، وغوردن براون (٢٠٠٧-٢٠١٠) الذي أكّد دعمه لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، باستثناء هذا فهو حزب مقاوم بطبعه وحليف يركن عليه في الأغلبية العالمية الجديدة لعزل إسرائيل.
من الجبهة الشعبية القيادة العامة إلى الجبهة الشعبية الجديدة
من يظن أن محور مقاومة طول بعرض يعتمد على أحمد جبريل واحد فهو مخطئ، فالمحور عمل بصمت على إيصال أكثر من جبهة شعبية قيادة عامّة في الغرب، وآخرها كان الزعيم الناصري البوليفاري تشافيز فرنسا الرفيق جان لوك ميلانشون، الذي قاد الجبهة الشعبية الجديدة في فرنسا للفوز في الانتخابات؛ بعد تقديمه تعهداً خطياً وحلفانه على المصحف الشريف أنه سيتخلص من إرث زعماء اشتراكيين سابقين مثل فرانسوا ميتران الذي زار إسرائيل خلال اجتياحها للبنان مؤكداً على حقها في الأمن والسلام ونهب رب إفريقيا، وفرانسوا هولاند الذي تدخل عسكرياً في تشاد ومالي وسوريا إلى جانب الولايات المتحدة، ودعمه المطلق للعنة العقد الثامن.
انفراط خيوط بيت العنكبوت
في موازاة الانتصارات العسكرية التي يحققها أنصار الله وحزب الله وحزب الله الآخر العراقي وحماس والجهاد وصمود مطارات سوريا الأسد، وما سلف ذكره من انتصارات سياسية مدويّة لحلفاء المحور ستضع إسرائيل في زاوية مطبخ السياسة العالمي ممهدة لطردها منه، زد على ذلك فوز مسعود بزشيكان في الانتخابات الإيرانية وما يمثله من انتصار الجناح التقدمي على الجناح المحافظ من عدم إحداثه لأي فرق؛ فوق كل هذا فإن البيت الإسرائيلي الداخلي العنكبوتي يعاني من عدم جاهزية على إجلاء السكّان في العتمة في أي حرب مع الحزب، مما يعني أن خيطاً كبيراً نُسلَ من النسيج كمقدمة لفرط إسرائيل بدلاً من إزالتها؟ ممكن!