ما هو السوري؟
فتحي العترماني - مراسل الحدود السوري
٠٣ يوليو، ٢٠٢٤
رغم ظهوره الدوري في نشرات الأخبار مع كل تأزم اقتصادي أو جريمة سرقة أو ارتفاع نسب البطالة في مكان ما، وفي قيعان البحار، وتعديه على الحوادث والاعتداءات، ما زال مفهوم "السوري" إلى اليوم يثير التباساً بين المنظرين في أوساط العلوم الإنسانية والسياسية، خصوصاً مع تراجع أدبيات علم الاجتماع عام ٢٠١١ عن استخدام مصطلحات "الإنسان" أو "المواطن" عند الكتابة عنه وتحوله إلى "أزمة" أو حالة" أو "مسألة".
تعريف السوري
السوري، أو حامل دفتر المذكّرات كحلي اللون الذي تبلغ قيمته ١٠٠٠ دولار ويسمّى اصطلاحاً جواز السفر السوري، هو كائن حي حقيقي وموجود في بعض الأوقات٬ وفي أوقات أخرى وهمٌ أو سرابٌ غير ملموس، إلى أن تأتي لحظة حصوله على دفتر آخر مشابه أحمر اللون.
أنواع السوري واستخداماته
ثمة اختلاف واضح بين الثقافات والمدارس السوسيولوجية حول أنواع السوري والقيمة المحددة لكل نوع، فالسوري في سوريا هو ثور بحسب قائده، ويبلغ ثمنه رصاصةً أو تقرير كيدي، بينما يعتبر السوري في أوروبا بنداً مميزاً ضمن أول ثلاثة بنود في البرامج الانتخابية للأحزاب اليمينية، أما في تركيا يأخذ السوري شكل ورقة لعب، يرميها إردوغان بقوة على طاولة الاتحاد الأوروبي كلما علا صوت منتقديه، وفي لبنان يتحول إلى كوكبة من غازي كنعان ومرفأ بيروت ورياض سلامة وحسن نصرالله حسب الحالة السياسية والاقتصادية، بينما يصبح قاعدة بيانات ضخمة من المفوضية السامية لحقوق اللاجئين فقط كلما اقتربنا من موعد مؤتمر بروكسل السنوي للمانحين.
كيفية إيجاد السوري
في حال لم يُعثَر على السوري كسطرٍ في قاعدة بيانات للمُغيّبين على سيرفرات مركز للتوثيق، تجده ملفاً في أحد أدراج سفارة في بيروت أو عمّان أو القاهرة، بينما توجد شريحة ذهبية غير مخصصة للجميع تفرز السوري كملفّ على مكتب أحد موظفي مكتب الهجرة والتجنيس.
مستقبل السوري
بغض النظر عن نوعه وتصنيفه، فالسوري في نهاية المطاف موجود وأثره ملموس ولا تخفى مساعيه في النجاة بصفته كائن، ولكن نظراً لإجماع الكائنات الأخرى على أن من ليس لديه ماض ليس لديه مستقبل، توجب عليهم إعادته إلى ماضيه في محمية ما قبل ٢٠١١ بمساحة ١٨٥ ألف كلم٢ شرقي المتوسط لتؤويه قبل أن يتمادى ويتعرّف على مفاهيم معقدة مثل المساواة والمواطنة والعدالة.