بانوراما لأهم المواجهات التي دارت بين خير أمة أخرجت للناس وشعب الله المختار
فتحي العترماني - خبير الحدود في شؤون الجانبين الصحيحين الوحيدين من التاريخ
١٣ مايو، ٢٠٢٤
هم أصحاب الأرض والحق التاريخي والوعد المقدس؛ السكان الأصليون وصانعو تراث المنطقة. لكن للأسف، فإن تلك "الهُمّ" تنقسم إلى هُمَّين، هُم خير أمة أُخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولن تقوم الساعة قبل أن يروا أشجار الغرقد تتدافع لتقدم لهم المعلومات الاستخباراتية، وهُم شعب الله المختار الذين وعدهم يهوه بأن يستقروا في هذه الأرض بعد تيه السنين. وعليه دارت سلسلة من المعارك الصفرية بين الطرفين لتأكيد استحقاقهم الإلهي، نستعرض أبرزها لنثبت أن التاريخ لا يعيد نفسه لأنه لم يغادر أصلاً:
محادثات ومعارك المدينة
مع مغادرة القيادة المركزية لخير أمة أخرجت للناس مكة ونقل مقرَّاتها إلى يثرب، اندلعت احتجاجات بين قبائل شعب الله المختار التي عاشت هناك مثل قبائل بني قينقاع وبني قريظة، رفضاً للآخر ولفكرة التعايش معه، لكن قيادات الطرفين نجحت في ضبط النفس وعقدت مؤتمر السلام الأول الذي أسفر عن وثيقة المدينة المنورة، التي ما لبثت أن انهارت بعد أقل من سنة مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي القبائل تطورت سريعاً إلى رشقات سهامٍ متبادلة، تفوّقت خلالها خير أمَّة وفرضت حصاراً شاملاً على شعب الله من بني نضير، لم ينتهِ إلا مع تهجيرهم نحو الشمال ودعوة أقرانهم في بلاد الشام إلى توطينهم فهم أولى بهم.
حلف شرق البحر الأحمر يشن أول حروبه
انطلق الناطق باسم الخارجية البني نضيرية في رحلة مكوكية عبر مختلف قبائل الجزيرة يحشد التحالفات بهدف الانتقام، ونجح بتشكيل حلف الأحزاب المكوّن من قوات شعب الله المختار والمغضوب عليهم والضالين آمين، ليهاجموا المدينة المنورة من أربع جبهات ويفرضوا على خير أمة أخرجت للناس حصاراً خانقاً حرمهم شعلة النار والماء والطعام؛ الأمر الذي شكّل ضغطاً على الأطراف الإقليمية الأخرى للتحرك، خشية وقوع مجاعة وتوسّع رقعة الحرب، فانطلقت مفاوضات تُوجّت بوقف شامل لاستلال السيوف تلته محادثات سلام حفظها التوقيع على صلح الحديبية بوساطة مصرية - حجازية.
معركة خيبر خيبر يا ياهووود
يطلق عليها بعض المؤرخين لقب "جنة النجارين" بسبب الازدهار الذي شهدته صناعة الأبواب من وقتها. فبعد ٢٠ يوماً فقط من توقيع الطرفين صلح الحديبية، وصلت معلومات استخباراتية لرئيس أركان خير أمة بوجود بؤرة مسلّحة من شعب الله في مدينة خيبر، تعتزم شنَّ عمليات هجومية من وراء حصون. حاولت وحدات خاصة من فرسان خير أمة اقتحام هذه الحصون لكنها استعصت عليهم، الأمر الذي استدعى تدخّل قائد لواء عصائب آل البيت حيدر الكرار أبو الحسن الهاشمي علي بن أبي طالب، الذي نجح لوحده بخلع باب حصن شعب الله وخبطه به ودحره ومطاردة فلوله، إلى أن هبّت الأطراف الإقليمية للتدخّل مجدداً وصياغة اتفاق هدنة يقضي بوقف خير أمة عملياتها العسكرية مقابل تسليم شعب الله المختار أسلحته وذخائره وأمواله وصفية بنت حُيي.
قرون الازدهار
بعد خيبر، استقرت الأوضاع وساد الاستقرار مع نجاح خير أمة بتأسيس خير دولة، سرعان ما تحولت إلى خير إمبراطورية بفعل سيطرتها على بلاد الشام عام ٦٣٢م بشهادة أهم المؤرخين مثل أحمد منصور وزوج عمتك عبد الحميد ومسعود أوزيل. لم تتعدَّ النزاعات خلال هذه القرون بين الشعبين مجرد حوادث مثل تهرُّب مواطن مُختار من دفع الجزية لخير جابي أخرج للناس، أو نزاع تاجر يهودي مع تاجر دمشقي على قافلة كركم وسمّاق وبهارات كبسة وملوّنات مندي قادمة من الهند.
علاقة توكسيك ومتينة
هذه العلاقات الفاترة شهدت تحولاً في القرن التاسع عشر، عندما استقبلت خير أمّة عشرات آلاف اللاجئين من شعب الله الذين هربوا من بطش أبناء الله الأوروبيين.
كتب الطرفان خير علاقة تعايش مختارة أخرجت للناس خلال تلك المدة، لكن نشاط الحركة الصهيونية وحركاتها الناقصة بالاستيلاء على فلسطين بحجج النشاط الزراعي دفع السلطان عبد الحميد الثاني إلى تقييد إجراءات الهجرة والإقامة والتوظيف لشعب الله، ولاحق المقيمين منهم بطريقة غير شرعية ورحّلهم إلى آخر دولة طُردوا منها. وفي عام ١٨٩٧، ردّ مختار شعب الله الأجنبي المختار الأول ثيودور هرتزل الصاع لسلطان خير أمة، وعقد في سويسرا مؤتمراً للمَّ نقود تساعده على التصهين وتمويل الحركة الصهيونية والمطالبة بحقّها التاريخي في أرض الميعاد، التي كان بنو قريظة وبنو قينقاع -أصلحهم الله- على بعد أميال منها لكنهم لم يقربوها، لأن هذا الحق لا يُقاس بالجنسية ومكان الولادة والإقامة واسم العائلة وشجرتها، بل بديانة الأم، لأنها وحدها من تعلم إن كان الذي في بطنها صاحب حق أم من الخير أمّة الحثالة وغيرهم من الجوييم والعماليق.
فجر العصابات
فرطت خير أمة أُخرجت للناس نتيجة عدم تركها ما لا يعنيها وتدخلّها في الحرب العالمية الأولى، وتحولت تدريجياً إلى خير رقعة شطرنج أخرجت للبريطان والفرنسيين؛ ما ساعد الحركة الصهيونية الناشئة على إنشاء عصابات الله المختارة، التي راحت تسبر أغوار وطنها الجديد وتفرض بضع سياسات وترتكب مجزرة صغيرة هنا وتسلبط أرضاً هناك، لتتأكد من خلوّه تماماً من أي خدوش أو أعطال أو بقايا عرب.
الغضب الإلهي
عام ١٩٤٨، فطِن المختار الثاني لشعب الله ديفيد بن غوريون أن يهوه لم يرسم له حدود أرض الميعاد، ولا المختار السابق، فلم يرد لشعبه أن يتوه مجدداً باحثاً عنها، فرسم خريطة مربعة الشكل تمتد من الفرات إلى النيل قابلة للتوسع عند الحاجة وغير قابلة لاحتواء شعبين مُتفوقين عرقياً ودينياً، منهياً بذلك سلسلة صدامات المستقبلية المحتملة بين الأمّتين بالتخلّص من أحدهما، ثم أعلن قيام دولة الله المختارة على الأراضي المقدسة ومعها فناء خلفي يمتد من نهر الأردن إلى البحر المتوسط بمساحة ٢٦ ألف كيلومتر ويطلّ على بحرين واحد أبيض وواحد أحمر. ولأن خير أمة أخرجت للناس كانت حينها تعاني من تبعات انفراطها في الحرب العالمية الأولى، اختطفت مجموعة فصائل وجيوش قومية وعلمانية راية الجهاد منها وأسمته نضالاً، فعاقبها الله بالنكبة عام ٤٨ ثم النكسة عام ٦٧ ثم كتب عليها التيه في الأرض منذ ذلك الحين.
معركة الميركافا vs الحجارة
لم تشعر الأمة بلذة الانتصارات التي سطّرتها شفاه المذيع أحمد سعيد، كما لم تستطع لمسها؛ ولم يتعشَّ سمك النيل على شعب الله الأجنبي، وانشغل أسد السنّة وحامل لوائها صدّام حسين بمحاربة خير أمّة شيعية أخرجت للناس. فاستغلّ شعب الله الفرصة للمرة الثالثة وحاولوا القضاء على التائهين الذين أقاموا في مخيمات داخل دول الجوار، وعام ١٩٨٧، عرف الفلسطينيون أنهم وحدهم، فانتفضوا بالحجارة لمواجهة الدبابات، لتعود الأطراف الإقليمية وتتدخّل مجدداً من منطلق أوهوووو علينا، ألا شغل لنا غيركم؟ ثم شدّت الطرفين من آذانهم وعرضت عليهما اتفاقية أوسلو لحلّ الخلاف، ثم اجبرتهما على مصافحة بعضهما، فوافق الطرفان على مضض، وحلف مراقبون أن مختار شعب الله إسحق رابين احمرَّ وجهه مثل حبّة الشمندر من شدّة الإحراج.
خير أمة تعود من بوابة غزة
لم تعجب انتفاضة الحجارة وما نتج عنها من أوسلو القيادات الجديدة المتشكلة حديثاً لخير أمة في فلسطين، لأن وقعها علماني لا يمثّل الأمة وطموحاتها في اقتلاع دولة استعمار نووية، فقررت نيابة عن خير أمة إمساك زمام الأمور وأعلنت هدفها بإلقاء شعب الله المختار في البحر أو مزبلة التاريخ أيهما أوسع، وباشرت العمليات الجهادية ضد أحفاد خيبر خيبر يا ياهوود، فخاضت عشرات المناوشات والمعارك التي كبدت شعب الله خسائر فادحة أثناء توسعه الاستيطاني وارتكابه المجزرة، تلو المجزرة، تلو المجزرة، تلو المجزرة . . . متعهداً بإلقاء ما تبقى من خير أمة فلسطينية في سيناء ليكملوا تجربة التيه وينضجوا ويؤسسوا مؤتمرهم ويحصلوا على دولتهم التاريخية في مخيماتهم الجديدة.