تغطية إخبارية، خبر

شاب ينسى المشهد الذي كان يرفض اعتياده

فتحي العترماني - مراسل الحدود من غرفة المونتاج

Loading...
صورة شاب ينسى المشهد الذي كان يرفض اعتياده

غطّ الشاب بطّاح يفتح الله في النوم على الأريكة، مباشرةً بعد نشره آخر ستوري لليوم تحتوي على تغريدة للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تتضمن حصيلة جرائم الاحتلال في حربه على غزة، تلاها بفيديو شخصي له وهو يشدد على متابعيه ضرورة عدم اعتياد المشهد والنيفر ستوب شيرينغ، رغم حجبه خاصية المشاركة عبر الستوري من حسابه.

وبعد ساعات، أيقظه شقيقه وضّاح يفتح الله ليسأله عمّا كان يهذي به أثناء نومه "أي مشهد؟ لماذا كنت تكرر كلمة المشهد وترفع صوتك وأنت تقولها خلال نومك؟" ليجيب  بطّاح: "المشهد نفسه بالطبع. ما غيره. مشهد الـ… المشهد يا أخي، أرجوك لا تعتاده". ليدرك لحظتها أنه ما زال يذكر ضرورة عدم اعتياد المشهد، إلا أنه نسيَ المشهد نفسه، رغم قطعه عهداً أمام نفسه وأمام الله وأمام كل من تحدث معه أو صادفه في الشارع والعمل والسوق خلال الأشهر الست الأخيرة على عدم النسيان.

 بطّاح حاول جاهداَ إنقاذ موقفه أمام سؤال أخيه، واستحضار المشهد من شاشة هاتفه لتأكده أنه لا شك احتفظ بشيء منه عليه، لكنه ازداد حرجاً عندما لم تسعفه ذاكرته في تحديده من بين عشرات المشاهد التي حثَّ من حوله على عدم اعتيادها من أبنية مدمرة وأحياء ممسوحة وخلاف بين دكتور فوود وشروق وأشلاء وأكوام جثث ومشافي مهدّمة وشهادات اغتصاب في السودان وأطفال في الخيام وأمهاتٍ يبكون أبنائهن وانعدام مياه الشرب في العراق ومجازر أثناء توزيع المساعدات وعائلات نازحة ومدنيين يقصفون بالمسيرات وهجوم داعشي جديد وجنود يرقصون على جراح ضحاياهم على تيك توك ورئيس شاب يدعى محمود عباس يسعى لتأمين مستقبله في غزة.

وفي الأثناء، مع مضي الساعات ومتابعة روتين يومه، بات يعيش بطّاح حالة إنكارٍ ورفض تام لاعتياده نسيان المشهد. كما يخشى أن تمضي الأيام وينسى المشهد واعتياده نسيان المشهد، لذا، وضع خطةً لرفض أي لحظة يدرك فيها نسيان أي شيء، متخذاً من الرفض أسلوب حياة إلى أن يفرجها الله وينتهي المشهد من تلقاء نفسه.

شعورك تجاه المقال؟