تغطية إخبارية، تقرير

غصن الزيتون والألوان المائية وطرق سلمية أخرى تخبئها عنك المقاومة في الأنفاق

نجم أبو النجوم - كاتب ليبرالي مرموق يحفظ كتاب سيكولوجية الجماهير عن ظهر قلب

Loading...
صورة غصن الزيتون والألوان المائية وطرق سلمية أخرى تخبئها عنك المقاومة في الأنفاق

نفخ القطيع رؤوسنا بالمقاومة وإنجازات المقاومة وبطولات المقاومة وصواريخ المقاومة وكمائن المقاومة ومثلثات المقاومة وبطّيخ المقاومة، هذا كله وإسرائيل لم تبقِ حجراً على حجر ولا رأساً على جسد ولا شارعاً على نفق، فكيف الحال لو أن هذه "المقاومة" تحقق إنجازات فعلية وتوقع اتفاقية أوسلو وتحصل على حكم ذاتي مؤقت مرفق بوعود بدولة مستقلة لها مقاطعة رئاسية قد الدنيا؟ قال مقاومة قال! 

هذا الهبل الرجعي مردّه انسياق القطيع -تقوده مشاعره- وراء ما لا يخدم قضية التقدّم. الاستعمار يا روحي لم يدمّر حضارة، وحريّ بنا الانتباه إلى أن الكلمة مشتقة من عَ مَ رَ وما يتفرع عنها من مرادفات التعمير والإعمار والعمران والنمو؛ في المقابل، تسيطر الرجعية المسلّحة على الجماهير بتجييش مشاعرها وحقنها بكراهية المستعمر وإنكار ما يقدمه بهدف الإطاحة به، فيصبح الشعب محتلاً من "المقاومة" و"اليمين المتطرف الإسرائيلي، وليس كل إسرائيل". 

ليس صحيحاً ولا محقاً ولا مقبولاً قول إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فالشعوب المقهورة المحتلّة لا تتحرّر بالقوّة، لأن فاقد الشيء لا يمكنه استعماله، ولو امتلكت القوة لما تحقق احتلالها أصلاً؛ هنا يحضر السؤال عن البدائل، فتحضر الإجابة: أدوات النضال السلمي كثيرة ومتنوّعة، فمصادري الخاصة تؤكد وجود أكوام من أغصان الزيتون وعلب الأقلام والألوان المائية اللازمة لتلوين وجوه الأطفال وكتابة اللافتات التقدمية في المسيرات، وأكثر من ٢٠ كرتونة بالونات ملونة جهزتها السلطة لتدشّن أكبر مهرجان بالونات احتجاجي في العالم، وترمي به دوشيشاً رائعاً يضع إسرائيل في خانة اليكّ ويحرجها أمام المجتمع الدولي ويدفعها إلى وقف الاستيطان والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، لكن أيادي الشرّ والسنوار والضيف اختطفت كل هذه الأدوات وخبأتها في الأنفاق للترفيه عن الأسيرات بغرض اقناعهنّ بمواعدتهم بعد الحرب.

لو كانت مقاومتكم حريصة على مصير الشعب وتحقيق تطلعاته لفهمت ضرورات المرحلة واتخذت من غاندي ومانديلا وأوباما وأبو مازن أنموذجاً للتحرر، ولردّت على تسليح بن غفير للمستوطنين بإلقائها السلاح في وجهه وإدارة خدّها الأيسر والأيمن ثم الأيسر، ثم أعادت لي ألواني وبالوناتي الحبيباتِ، لكنها لا ولم ولن تفعل، لحرصها على تدميرنا إنسانياً وحضارياً وثقافياً ونفسياً وعاطفياً وجنسياً وحرماننا من مكتسبات اتفاقيات السلام عبر تصويرنا أمام إسرائيل والعالم على أننا حيوانات بشرية لا نفهم لغة الحوار ولا نستحق دولة ولا إن جي أوز ولا أبو مازن.

شعورك تجاه المقال؟