تغطية إخبارية، خبر

إييييه لو كان صدام وعبد الناصر على قيد الحياة: مواطن يتنهد والحدود تتنهّد عليه

سهيل الأنّان - مراسل الحدود لشؤون الميت الذي لا يجوز أن تلعن روحه بحذاء عتيق بل تتمنى له الرحمة

Loading...
صورة إييييه لو كان صدام وعبد الناصر على قيد الحياة: مواطن يتنهد والحدود تتنهّد عليه

"إييييييييييييييييييييييييه الله يرحم".

كانت هذه أطول تنهيدة أسمعها في حياتي المهنية، أطلقها أبو طلال صاحب ميني ماركت ينابيع ربوع القدس وهو يتابع نشرة الأخبار المستمرة منذ شهرين على قناة الجزيرة، قبل أن ينبري لتوضيح دوافع التنهيدة "ما هذا؟ أين الرجال؟ أين القادة العرب؟ رحمة الله عليك يا صدام، رحمة الله عليك يا عبد الناصر، رحمة الله عليك يا حافظ، رحمة الله عليك أيها الحسين، لو أن واحداً منهم فقط على قيد الحياة". 

بلع أحدهم ريقه، وتشاغلت سيدة بقراءة مكونات كيس البرغل. كنا نترقب السيد المخبر أبو الليث متخفياً في عيون بعضنا البعض قبل أن تتوالى تعليقات تنفيس الاحتقان الحكيمة: الله يعين يا حج، لعله خير، صلِّ على النبي يا أبو طلال، حبيبي قلبي أبو طلال تذكرت موعداً طارئاً يجب أن أذهب إليه حالاً، أعود عما قريب، السلام عليكم، سلااااام. 

غادرت الدكان لكن أبو طلال لم يغادرني. أين الأمة؟ أين الجيوش؟ أين الأسلحة؟ أين المناورات المشتركة؟ ماذا عن مناورات هرقل؟ مناورات الأسد المتأهب؟  الكلب الملتهب؟ أين أواصر الأخوة وجسور الصداقة والشراكة والعمل العربي المشترك؟ أين رمانا الدهر بعد الرجل الضرورة المهيب الركن القائد صدام حسين أبو عدي حفظه الله، أين أيام جمال يا حبيب الملايين وقائدنا إلى الأبد الرئيس الخالد حافظ الأسد والأخ أبو عمار وابن النبي جلالة الملك حسين المعظم؛ لو كان واحد منهم فقط على قيد الحياة لما تجرأت إسرائيل على ما تفعله، ولرأينا نتنياهو يقبّل رأس محمود عباس وكتفه وقدمه ويحلف بالطلاق ثلاثاً من سارة نتنياهو إن لم يتغدَّ عنده اليوم.

إيييييييه يا أبو طلال، الحديث يطول٬ لكن دعني أخبرك ببعض الإجراءات التي كنا سنشهدها لو أن الله صدّق دعاء خطباء الجمعة ومنَّ علينا بإطالة بقائهم وإدامة عزّهم:

١. تحرير غزة عبر بودكاست ناري مزلزل:

فهم يواكبون العصر ولم يسبق لهم أن أغفلوا استخدام أسباب النصر الاستراتيجية كالصحف والإذاعة والتلفزيون في معارك السابقة؛ وفي سجل كل واحد منهم انتصار أو انتصارين على إسرائيل أو أميركا أو إيران أو بعضهم البعض.

للأسف، كان آباؤنا وأجدادنا مصابين بالحول، والطرش، فلم يسمعوا بالانتصارات، ولم يروها بأم أعينهم، مما استدعى تدخل الدولة لتصحيح بصرهم، فشاهدوا نجوم الظهر وجيوشنا العربية تمسح كرامة إسرائيل بالأرض في عام ٦٧، وانتحار العلوج على أسوار بغداد وانتصارنا في أم المعارك وأخت الحواسم.

لا تفوتنا هنا الإشارة إلى أن مراحيمنا الخالدين لم يكونوا ظاهرة صوتية كما يفتري الكثيرون، فقد كانوا رجالاً صوت وصورة؛ استطاعوا تطويع تقنيات التصوير المتواضعة في زمنهم للحصول على صور مهيبة علّقوها في القصور والشوارع وغرف النوم والسيارات والمستشفيات والمدارس ورياض الأطفال. لقد قطعت هذه الصور خلفنا نحن إخوتهم وأبنائهم المواطنين، ولنا أن نتخيل الصور التي سيلتقطونها بكاميرات اليوم الحديثة وكمية القوة والبأس اللذين سيظهران في الحواجب المقطبة والأصابع المرفوعة بإشارات النصر والشوارب الكثَّة التي خسى أن تشيب٬ والنظارات الشمسية التي تشع من خلفها عيون تقدح تصميماً ووطنية وعروبة وتخطيطاً اقتصادياً وبعد نظر عسكرياً. إن الدخان الذي ينفثه صدام من سيجاره سيكون لهباً يحرق الإسرائيليين حين يرونه في فيديوهاته عبر تيك توك وإنستغرام. 

٢. زحفاً زحفاً نحو فلسطين:

سيتسبب ارتفاع التستوستيرون في دماء الزعماء بعودة أجواء التحرير إلى سابق عهدها في القرن المنصرم. وحين تحرك إسرائيل دبابة في غلاف غزة سنشهد عبد الناصر يزحف إلى اليمن، وصدام إلى الكويت، وحافظ إلى لبنان، فكل الطرق تؤدي إلى فلسطين؛ ولعلنا نشهد تحركات مباشرة، فتتحرك الجيوش لتطحن بعضها بالفلسطينيين والقضية ونحقق انتصارات مجيدة مثل انتصارات أيلول الأسود وتل الزعتر. 


٣. تدارك أخطاء الماضي:

لا يمكن إنكار أن قادة الماضي هم الأنسب لإصلاح أخطاء اليوم. إن وجودهم بيننا يعني عقد اتفاقيات سلام أكثر سلاماً، وفك الملك حسين الارتباط مع قطعة أرض في الضفة الشرقية تعادل الضفة الغربية، واختصار ياسر عرفات حكاية مناطق أ و ب و ج  في الضفة الغربية بمنطقة أ تكفي مساحتها لبناء فيلا دوبلكس تتمتع بحكم شبه ذاتي مع إطلالة خلابة على المستوطنات المحيطة بها. وهذا ليس خيارنا الوحيد، إذ من الممكن أن يضيف عبد الناصر بضع لاءات إلى اللاءات الثلاث٬ ويحشر أبو باسل الرؤساء الأجانب في اجتماعات طويلة قبل أن يبولوا على أنفسهم ويعلنوا هزيمتهم في معارك المثانة الحديدية الكبرى. 

إييييييييه، كان زعماء اليوم سيرتاحون من المشقة والتعب في السعي مع تل أبيب لتجد حلاً لهم ولنا، أعانهم الله وسدد خطاهم، لهم ما لهم ولهم ما عليهم، خير خلف لخير سلف لخير إسرائيل.

شعورك تجاه المقال؟