لايف ستايل، الحدود تسأل والحدود تجيب

ماذا على السفراء أن يفعلوا برسائل الاحتجاج التي يتسلّمونها من الدول؟ السفراء يسألون والحدود تجيب

فتحي العترماني - سفير الحدود

Loading...
صورة ماذا على السفراء أن يفعلوا برسائل الاحتجاج التي يتسلّمونها من الدول؟ السفراء يسألون والحدود تجيب

تُنتهَك السيادة وتُهان المقدسات، فيتحرّك القادة وتهبّ الحكومات لقول لا! أنتم نوتي!!! وتحتاجون تأديباً. فيتم استدعاء السفراء وتنهال عليهم أقسى عبارات العتب والاحتجاج على ما فعله أسيادهم، ليعودوا إلى مكاتبهم يجرّون أذيال الخيبة ويحملون رسائل الاحتجاج المكتوبة بدموع حزن وغضب رؤساء الدول المضيفة. 

تنتهي المهمة هنا ويُردّ الحق وتُستعاد الهيبة، لكن الحلقة الأخيرة تبقى مفقودة، إذ يعيش عشرات السفراء في حالة من الحيرة والضياع حيال ما يجب أن يفعلوه بتلك الرسائل. وَلا، عزيزي القارئ، تلك الرسائل ليست لمسح المؤخرات كما تبادر إلى ذهنك، هناك استخدامات أخرى للرسائل، ووسائل أخرى لمسح المؤخرات.

وفي مساعي ملك الحدود السيد أبو صطيف بكر علي أحمد اللوز للحفاظ على علاقاته رفيعة المستوى وحرصاً على سلامة أصدقائه النفسية، شرع بتجربة اجتماعية وعيّنني سفيراً تحت العادة للحدود في عدد من العواصم العربية لأحكي من واقع تجربتي ما أمكنني فعله برسائل الاحتجاج والسب والشتم والتهديد بالقتل التي وصلت مكتبي.

أداة ترفيه متعددة الاستخدامات

لحسن الحظ أن رسائل الاحتجاج تأتي على شكل أوراق، وأن السفارات تمتاز بمكاتب واسعة؛ هذا يسمح لسعادة السفير ومعاونيه طيّها على شكل صواريخ ورشق بعضهم بها كما تفعل دولهم بالدولة المضيفة. وإن كانت تلك الرسائل آتيةٌ من مملكة أو دولة غنية وتتمتّع بنوع ورقٍ جيّد، يمكن إعادة تشكيلها على شكل كرات وتنظيم المسابقات داخل السفارة على تصويب أكبر عددٍ منها في سلات المهملات.

وسيلة لملء جدول الأعمال 

عندما تكون سفيراً لدولة عالم ثالث وتقتصر طلبات التأشيرة في السفارة لديك على صنّاع الوثائقيات واليوتيوبرز، وتمرّ العلاقات الدبلوماسية بين بلدك والبلد المضيف بحالة فتور، ستبحث عن أية مهمة تملأ به تقاريرك الربع والنصف سنوية والسنوية المرفوعة لوزارة الخارجية في بلدك، لذا يمكنك إشغال قسم السكرتاريا بترتيب رسائل الاحتجاج التي تتلقاها سفارتك حسب أبجدية الدول المرسلة أو سبب الاحتجاج أو حجم الرسالة وجدّية الحاجة للرد عليها أو العودة إلى الخيار الأول.

مصدر تغذية بلاغية

قد يُعيَّن في بعض الأحيان سفراء مستجدّون شُبّان لا يتقنون تصويب الأحرف وتوجيه الكلمات القاضية للأعداء كما يفعل القائد المفدى، يمكن لأولئك قراءة رسائل الاحتجاج (نعم، قراءتها. لا تستغربوا جنونية المقترح!) وتعلُّم طيفاً واسعاً من مصطلحات وقوالب الإدانة والشجب والاستنكار ليسخّروها لاحقاً في خدمتهم إن صعدوا وظيفياً وصاروا هم وزراء الخارجية الذين يوجهون رسائل الاحتجاج للسفارات.

شعورك تجاه المقال؟