تغطية إخبارية، الحدود تسأل والحدود تجيب

كيف تسيطر الميليشيات على العراق؟ الحدود تسأل وعلاوي حبيب گلبي أبو حسين خادمكم الزغيِّر يجيب

أنور ابن أنور - مراسل الحدود لشؤون لمضة الحقّ الكهربائية

Loading...
صورة كيف تسيطر الميليشيات على العراق؟ الحدود تسأل وعلاوي حبيب گلبي أبو حسين خادمكم الزغيِّر يجيب

كان يوم دوام عادي في الحدود حين رفس أبو صطيف باب المكتب ووقف يتفحَّص عبيده قبل أن يسمّر نظره عليّ؛ همَّ باتجاهي وأخذ يدي مصافحاً ليخبرني أنني حصلت حالاً على ترقية من مراسل عادي صعلوك إلى مراسل حربي، وسأذهب في رحلة ميدانية للتحقيق في الطريقة التي تسيطر فيها الميليشيات على العراق؛ سلَّمني تذكرة ذهاب بلا عودة، مع مبلغ يغطي تكاليف المعيشة والوفاة والدفن.

في العراق، توجهت إلى شارع أبو نوَّاس أتناول سمكة مسگوفة و ثلاث كؤوس عرق عصرية وهممت بالعمل الميداني، وقفت وصحت بصوت عال "كيف تسيطر الميليشيات في العراق؟ لماذا؟ من يساعدهم على ذلك؟" فظهر مواطن صالح يرتدي ملابس عسكرية وأجابني "الحشد تاج رأسك"، وقبل أن أستفسر عمّن يكون قال "معك علاوي حبيب گلبي أبو حسين خادمكم الزغيِّر أداوم بالحشد" …

طار العرق من رأسي، ووضعت يدي في جيبي أتحسس وصيتي والمبلغ المخصص للكفن والدفن، ولكن علاوي حبيب گلبنا أبو حسين خادمنا الزغيِّر أخذ يدي وربّت على كتفي مطمئناً، ثم جلس ووضعني في حجره ومسَّد بيده على شعري وراح يخبرني أن العراق اليوم دولة القانون والمؤسسات والشفافية وحق السؤال والحصول على إجابة "ركِّز معي، تسيطر الميليشات على الدولة كما تسيطر الحكومات، والفرق بينهما بالكاد يذكر؛ الدولة لديها موارد اقتصادية وكذلك الميليشيا، الدولة لديها خبراء والميليشيات لديها خبراء أفضل، الدولة لديها أسلحة ومسلحون وسجون ومحاكم ونحن لدينا أسلحة وقناصون، لكننا في عراقنا الحبيب، ماهَينا الدولة مع الميليشيات، فصرنا كياناً واحداً، دولة ميليشيات نديرها بقوانين وأنظمة تراعي المصلحة العامة لدولة ميليشيات". 

وأضاف "لتحقيق هذا الإنجاز ركزنا على علاج الأوضاع ببطريقة علاوي خادمكم الزغيِّر، فخلقنا أكثر من ٧٠ فصيلاً مسلحاً يشدّون أزر الدولة ويربّونها إن أخطأت بحقهم، وأطلقنا سراح سلاح ليكون حراً في الشوارع والساحات، فجرنا الطاقات الإبداعية والقيادية في عقر دارها، رأينا أن الدولة سطحية فصرنا نحن الدولة العميقة، صححنا حقوق الإنسان والدولة وشخصية الإنسان والدولة، ليعرفا أن الحشد تاج رأسيهما - مثلما هو تاج رأسك - حتى أصبح العراق الميْز* مالنا ومال إيران والمنطقة والعالم نلبسه ونسوگ براسه".

*ملاحظة من المحرر بعد سؤاله الكاتب: الميْز باللغة العربية تعني الطاولة. فيقال: سخر الأصدقاء من صديقهم أي جعلوه ميزاً يتحلقون حوله ويتسلّون به وينصبون عليه ما يشاؤون، وجعلت الميليشيات العراق ميزاً أي تسلوا به ونصبوا عليه صواريخهم".

شعورك تجاه المقال؟

هل أعجبك هذا المقال؟

لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.
لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.
نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.