شاب يتقلب أمام المروحة ليُشوى جيداً من جميع الجهات
أنور ابن أنور - مراسل الحدود لشؤون التسليم بالقدر خيره وحرّه
١٥ أغسطس، ٢٠٢٣

بعد ربع ساعة من التمدد على جنبه الأيمن أمام المروحة، رضي الشاب هاني عنجوري بحتفه المحتوم واعتدل أمامها رافعاً ذراعيه للأعلى، ثم أدار لها خده الأيسر، قبل أن يعطيها ظهره ويأخذ وضعية الكلب، ليصل لهيبها إلى إلى كل مكان في جسمه ويشوى ويتحمّر ويحصل على لون ذهبي يسيّل لعاب الدود الذي سيأكله ويجعله يترحّم على لحمه رائع المذاق.
وغالبَ هاني نعاس الليلتين الماضيتين اللتين لم ينمهما لعدم اعتياده التمدد على أسطح الشواء المستعرة مثل الفراش والكنبة والبلاط، لمعرفته أن الأطراف تستوي بسرعة مقارنة بالظهر والصدر، فاستمر بالتقلب ومراقبة نفسه لئلا يُشوى جانب ويتفحّم، ويبقى الجانب الآخر زنخاً نصف مطهي يصعب تناوله.
وأوضح هاني بأنه لم يكن راغباً بالانشواء هذه الفترة "ولا بقية الفترات، لكني لم أجد وسيلة لحفظ لحمي من الحرّ. أمي رفضت أن انتقل للإقامة في البرّاد لأنها تفضّل عليّ الزيتونة المتبقية في الصحن ولحسة اللبنة في العلبة وربع أوقية اللحم المفروم، وتجدهم أكثر أهمية واستحقاقاً للهواء المنعش مني. ولم أفكّر بتشغيل المكيّف، لوجود إجماع عائلي -لم أشارك فيه أنا أو أي من إخوتي- على توفير فاتورة الكهرباء بتخصيصه للضيوف، رغم إيماني أننا جميعاً ضيوف على هذه الحياة".
وقبيل استوائه بقليل، عدّد هاني للحدود ميزات لمروحة الشوي "إن وضعها في غرفة خشبية صغيرة كفيل بالحصول على ساونا حقيقية، ومن الجميل إحياء ليالي السمر بالتخييم في غرفة الجلوس على نيرانها اللاهبة، ويمكن للأمهات الحبيبات الاستفادة من هوائها في طبخ ربع أوقية اللحم التي يفضلونها أكثر من أولادهن".
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.